ورواه قيس، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:"ما من مولود إلا وقد عصره الشيطان عصرة أو عصرتين إلا عيسى بن مريم ومريم" ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم: (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ). وكذا رواه محمد بن إسحق، عن يزيد بن عبدالله بن قسيط، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه و سلم بأصل الحديث. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبدالملك، حدثنا المغيرة- هو ابن عبدالله الحزامي-، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه و سلم، قال:"كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبه حين يولد إلا عيسى بن مريم ذهب يطعن، فطعن في الحجاب". وهذا على شرط الصحيحين ولم يخرجوه من هذا الوجه "اهـ
(قلت): وعلى هذا يكون جواب قوله:
قل للوليد بكى وأجهش بالبكا ... ء لدى الولادة: ما الذي أبكاكا؟
يكون الجواب: هو الشيطان الذي أبكاه، بخلاف العامة الذين يلهجون عقب سماعهم البيت: الله الله!، يقولون ذلك يتلقونه رطبًا من أفواه الجاهلين لا سيما مشايخ الفضائيات، فالله المستعان.
· فصل في قوله:
هذي عجائب طالما أخذت بها ... عيناك وانفتحت بها أذناكا (قلت): والأولى أن يقول (وانفتحت لها أذناكا).
· فصل في قوله:
يا أيها الإنسان: مهلًا! ما الذي ... بالله جلَّ جلاله أغراكا
(قلت): أغريت فلانًا بالشيء جعلته يولع به، وفي "مختار الصحاح" قال ([17]):" وأغْرَيْتُ الكلب بالصيد وأغريتُ بينهم والاسم الغَرَاةُ و غَرِيَ به من باب صدِي أي أولع به والاسم الغَرَاءُ"اهـ
وفي اللسان ([18]):" غَرِيت به أَغْرى غَراءً وغَرِيَ به غَراةً فهو غَرِيٌّ لَزِقَ به ولَزمه عن اللحياني وفي حديث جابر فَلمَّا رأَوه أَغْروا بي تلك الساعة أَي لَجُّوا في مُطالَبتي وأَلَحُّوا"اهـ
وعلى ذلك فإن قوله (بالله جل جلاله أغراكا) محتمل ولكنه خلاف المتبادر ولعله يريد (غركا) فألجأته ضرورة النظم إلى ذلك وإن كان من يفهم عنه يفهم ما ذكرناه لا ما يقتضيه لفظه.
· فصل في قوله:
وإذا رأيت الليل يغشى داجيًا ... فاسأله: من يا ليل حاك دجاكا
وإذا رأيت الصبح يسفر ضاحيًا ... فاسأله: من يا صبح صاغ ضحاكا
(قلت): في قوله (حاك دجاكا) وقوله (صاغ ضحاكا) تجوز من جهة نسبته إلى الله، فعجيب أن يخبر عن الله بأنه يصوغ! أو يحيك!، وهذا بخلاف أن يوصف الدجى بأنه يحاك، أو أن يوصف الضحى بأنه يحاك، فهذا استمرأه أهل العصر ومن قبلهم من الأدباء والشعراء وغيرهم ولذا قال بعضهم:
من رام وصل الشمس حاك خيـ ... ـوطها سببًا إلى آماله وتعلقا
وقال أبو العلاء المعري:
تعالى الذي صاغَ النّجومَ بقُدْرَةٍ ... عن القَولِ أضْحَى فاعلُ السّوءِ مجبِرَا
وهو القائل:
ولو شاءَ مَن صاغَ النّجومَ بلُطفِهِ ... لَصاغَهُما كالمُشتري ودَعان
وفي كل ذلك تجوز وتعدٍ، وماذا عليهم لو تجنبوا مثل هذه الألفاظ المحتملة الموهمة في إخبارهم عن الله؟!
هذا، والله أعلم. وصلى الله على نبينا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
كَتَبَهُ/ وَلِيدُ بنُ حُسْنِي بنِ بَدَوِي بنِ مُحَمَّدٍ الأُمَويِّ
عَفَا اللهُ عَنْهُ
ـــــ
[1]- تجدها في كتاب (أجمل مائة قصيدة في الشعر العربي الحديث والمعاصر) لوحيد الدهشان وناصر صلاح: [ص 8 – ص 12].
[2]- شاعر مصري ولد سنة 1903 نصراني، وتوفي سنة 1983 نصراني.
[3]- تفسير الطبري (16/ 396 – 397).
[4]- تفسير الطبري (16/ 397).
[5]- تفسير الطبري (24/ 269).
[6]- تفسير ابن كثير (8/ 341 – 342).
[7]- تفسير ابن كثير (8/ 342).
[8]- تفسير البغوي (8/ 356).
[9]- الجواب الكافي: ص 35.
[10]- الجواب الكافي: ص 33.
[11]- مناظرات ما وراء النهر: ص 53، دار المشرق.
[12]- الجواب الكافي: ص 47.
[13]- فتح الباري (8/ 253) و الإتقان (1/ 408).
[14]- الإتقان (1/ 401).
[15]- الإتقان (1/ 349).
[16]- البداية والنهاية (2/ 57).
[17]- مختار الصحاح: ص 488.
[18]- لسان العرب (15/ 121).
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[20 - 01 - 10, 03:48 م]ـ
أعتذر عن تكرر الموضوع ولتحذف النسخة الأخرى ...... ولمزيد من نقاش الأخوة!
ـ[أبو عبدالرحمن بن أحمد]ــــــــ[20 - 01 - 10, 04:49 م]ـ
بارك الله فيكم
والذي يظهر أن ببعض ما انتقدت ليس بلازم فقوله (ببعض قواك) لا يريد صفة المولى ببعض تقويتك لي الأمر الثاني أنه إن قصد صفة القوة لله تبارك وتعالى فالصفات الفعلية جميعها قديمة النوع حادثة الآحاد كما قرر العلامة ابن عثيمين في شرح السفارينة ولعل المؤلف أراد هذا المعنى هنا
أما قولك في أن الذي غره بالمعاصي هو الاسم الكريم لله وبينت أن هذا سوء ظن بالله والمؤلف مسبوق بهذا وقد حذفت من تفسير ابن كثير عند نقلك هذه الجملة (وقال الفضيل بن عياض: لو قال لي:"ما غرك بي لقلت: سُتُورك المُرخاة. وقال أبو بكر الوراق: لو قال لي: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} لقلت: غرني كرم الكريم.) فهما سلف الشاعر وإن كان خطئا لكن لم يكن سوء ظن منهما بالله وباقي الأمور كذلك تحتاج إلى أعادة نظر وتأمل ولين في العبارة
¥