من خلال تلك المحاولات العلوية غير الموفقة لإقامة دولة علوية في حضرموت، استوعب العلويون هذا الدرس فانصرفوا عن الإمارة إلى الوزارة، ريثما تأتيهم فرصة ناجحة، ونجحوا في هذا الشأن لما لهم من وجاهات اجتماعية تميزوا بها من خلال دورهم الصوفي. وقد تولى السيد / حسين بن حامد المحضار وزارة السلطنة القعيطية، ومحمد بن هاشم العلوي منصب سكرتير الدولة في الدولة الكثيرية ([16]).
وهكذا: أصبح شعار (حقوق آل البيت) و (الدعوة لمنهج أهل البيت) شعارا يرفعه المغرضون ومن يريدون الوصول للحكم، لا لخدمة الإسلام، وإنما لنشر أفكار دخيلة على الإسلام، فالقرامطة والعبيديون والبويهيون والصفويون والنصيرية والدروز و ... إلخ، كانوا يرفعون شعار (حقوق آل البيت)، فلما تم لهم الأمر، أذاقوا المسلمين قتلا وتعذيبا!!.
هل هذا من المصادفات:
هل من المصادفات أن يرجع البويهيون والقرامطة والعبيديون إلى أصول فارسية؟!.
وهل من المصادفات أن تتشابه عقائدهم، وأن تكون هي نفسها عقائد مزدك وماني وزرادشت؟!.
وهل من المصادفات أن يظهروا في أزمنة متقاربة: العبيديون في 296 هـ، والبويهيون في 334 هـ، والقرامطة في 278 هـ؟!.
وهل من المصادفة أن يتقاسموا العالم الإسلامي: البويهيون في العراق، والقرامطة في شبه الجزيرة، والعبيديون في مصر والشام؟!.
وهل من المصادفات أن يلج هؤلاء جميعا من باب التشيع والدعوة لآل البيت؟!.
وهل من المصادفات أن يكون المسلمون السنة هم العدو اللدود لهم، وأن يتعاونوا مع كل أحد ضدهم؟! ([17]).
والآن ... :
هل سيكف الشيخ (المشهور) عن الفكر والمنهج الذي يسلكه؟. وهل سيتعلم من ذاكرة التاريخ أن شعار الدعوة لمنهج (آل البيت) و (حقوق آل البيت) هي دعوة مشبوهة قد سلكها قبله كثير وافتضح أمرهم، وظهرت حقيقتهم، وأنه بهذا الفكر يخدم الغلو ويفتح الباب للتشيع شاء أم أبى؟!. ثم إن أهل السنة وبحمد الله يعرفون الحقوق الشرعية لآل البيت، ويتعبدون الله بحبهم، لكن ليس على مراد الشيخ المشهور – وفقه الله للصواب -.
وأنا أزيدك – عزيزي القارئ – إلى ما ذكرته لك من نزعة التشيع عند الشيخ أبي بكر المشهور نصوصا أخرى من أقواله التي تصب في تكريس منهج الغلو والتشيع، فاسمع:
(15) معاوية يعلن العصيان:
قال الشيخ المشهور في كتابه (التليد والطارف: 122):
(وكان من قدر الله في تحولات هذه المرحلة أن شق بعض بني أمية العصا وهربوا من المدينة إلى الشام ومكة فرارا من بيعة الإمام، والذين ذهبوا إلى الشام حملوا معهم قميص عثمان – رضي الله عنه – مضرجا بالدماء وأنامل زوجته نائلة بنت الفرافصة التي بترها القتلة وهي تدافع عن زوجها.
وعلق معاوية القميص على منبر جامع دمشق وأعلن العصيان على الإمام مطالبا بثأر عثمان وأن لن يبايع حتى يسلم إليه القتلة).
قلت:
ما الذي يمنعك أيها الشيخ من الترضي على معاوية – رضي الله عنه - حين تذكره؟. وهل من الأدب ومنهج السلف أن يذكر هذا الصحابي الجليل بمثل هذا التعبير: (وأعلن معاوية العصيان)؟.
إن صنيعك هذا مع هذا الصحابي هو نفس صنيع الشيعة، وليس نسيانا منك، أو خطأ في التعبير، حتى نلتمس لك العذر، لأنها قناعة عندك بنفس العواطف والشعور الذي ينتاب الشيعة عند ذكر هذا الصحابي، لتكرارك مثل هذا اللمز فيه إنشاءً ونقلا!!.
ولماذا لا تلتمس العذر لهذا الصحابي ومن معه من الصحابة في تركهم لمبايعة علي كما التمسه له السلف، وتقول كما قالوا بأنه اجتهد في الأمر، ورأى أن التعجيل بالقصاص من قتلة عثمان أمر لا يقبل التأجيل؛ لأنه سيطفئ نار الفتنة، وبالتالي تجتمع القلوب، خاصة وأن معاوية t كان ولي دم عثمان، والله يقول] وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً [.
والذي نؤمن به أن الإمام عليا – رضي الله عنه – لم يحقق مطالب أهل الشام، لأن الأحداث لم تسمح له بذلك، خاصة وأن قتلة عثمان كانوا منتشرين مع الثوار في المدينة، ولهم منعة وقوة، فأراد أن يستتب الأمر أولا ثم يكون القصاص. وعلي ومعاوية – رضي الله عنهما – في هذا الأمر مجتهدان لصالح الأمة، فكلاهما مأجور.
¥