تقدم ذلك كله فسار معه خلق كثير من كبراء الصحابة حتى حاصر القسطنطينية، وقد ثبت في الصحيح: [أَوَّلُ جَيْشٍ يَغْزُو القُسْطَنْطِينِيَّة مَغْفُورٌ لَهُمْ]) ([22]).
(2) وقال: (قد تقدم في الحديث أن الخلافة بعده عليه السلام ثلاثون سنة، ثم تكون ملكا ً، وقد انقضت
الثلاثون بخلافة الحسن بن علي. فأيام معاوية أول الملك، فهو أول ملوك الإسلام وخيارهم .. وكان حليماً وقوراً رئيساً سيداً في الناس، كريماً عادلاً شهما) ([23]).
(3) وقال: (ولم يزل مستقلاً بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته، والجهاد في بلاد العدو قائم، وكلمة الله عالية. والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض، والمسلمون معه في راحة وعدل، وصفح وعفو) ([24]).
(4) وروى أبو داود من حديث الثوري عن ثور بن يزيد عن راشد بن سعد المقري الحمصي عن معاوية قال: قال رسول الله r : [ إنَّكَ إنْ تَتَبَّعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ]. قال: كلمة سمعها معاوية نفعه الله بها.
قال ابن كثير: (تفرد به أحمد - يعني أنه كان جيد السيرة، حسن التجاوز، جميل العفو، كثير الستر - رحمه الله تعالى) ([25]).
(5) وقال الترمذي: حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا عمرو بن واقد عن يونس بن حلبس عن أبي إدريس الخولاني قال: (لما عزل عمر بن الخطاب عمير بن سعد عن الشام وولَّى معاوية قال الناس: عزل عمر عميراً وولَّى معاوية، فقال عمر: لا تذكروا معاوية إلا بخير، فإني سمعت رسول الله r يقول: [اللَّهُمَّ اهْدِ بِهِ].
قال ابن كثير: (تفرد به الترمذي، وعندي أنه ينبغي أن يكون من رواية عمر بن الخطاب، ويكون الصواب: (فقال عمر: لا تذكروا معاوية إلا بخير)، ليكون عذراً له في توليته له. ومما يقوي هذا أن هشام بن عمار قال: حدثنا ابن أبي السائب وهو عبد العزيز بن الوليد بن سليمان قال: وسمعت أبي يذكر أن عمر بن الخطاب ولَّى معاوية بن أبي سفيان فقالوا: ولَّى حدث السن، فقال: (تلومونني في ولايته، وأنا سمعت رسول الله r يقول: [اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ هَادِياً مَهْدِيّاً وَاهْدِ بِهِ]. وهذا منقطع يقويه ما قبله) ([26]).
(6) قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية ـ يعني ابن صالح ـ عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رهم عن العرباض بن سارية السلمي قال: [سمعت رسول الله r يدعونا إلى السحور في شهر رمضان: هَلُمَّ إلى الغَدَاءِ المُبَارَكِ. ثم سمعته يقولُ: اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الكِتَابَ وَالحِسَابَ وَقِهِ العَذَابَ].
قال ابن كثير: (تفرد به أحمد. ورواه ابن جرير من حديث ابن مهدي، وكذلك رواه أسد بن موسى، وبشر بن السريّ وعبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح بإسناده مثله. وفي رواية بشر بن السري [وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ].
ورواه ابن عدي وغيره من حديث عثمان بن عبد الرحمن الجمحي عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله r : [ اللَّهُمَّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الكِتَابَ وَالحِسَابَ وَقِهِ لعَذَابَ]) ([27]).
(7) وروى ابن عساكر عن أبي زرعة الرازي أنه قال له رجل: إني أبغض معاوية، فقال له: ولم؟ قال: لأنه قاتل علياً، فقال له أبو زرعة: ويحك إن رب معاوية رحيم، وخصم معاوية خصم كريم، فأيش دخولك أنت بينهما؟ - رضي الله عنهما – ([28]).
(8) وسئل الإمام أحمد عما جرى بين علي ومعاوية فقرأ: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلاَ تَسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْملونَ). وكذا قال غير واحد من السلف.
(9) وقال جرير بن عبد الحميد عن مغيرة قال: لما جاء خبر قتل علي إلى معاوية جعل يبكي، فقالت له امرأته: أتبكيه وقد قاتلته؟. فقال: ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم ([29]).
(10) وقال ابن وهب عن مالك عن الزهري قال: سألت سعيد بن المسيب عن أصحاب رسول الله r فقال لي: اسمع يا زهري: من مات محباً لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وشهد للعشرة بالجنة، وترحم على معاوية، كان حقّاً على الله أن لا يناقشه الحساب ([30]).
¥