ذكر العلامة المجلسي في (جلاء العيون)، وفي (حق اليقين) رواية تفصيلية من روايات ابن بابويه والشيخ الطوسي _ وهما من أساطين الشيعة _ نقلاها عن بشر بن سليمان بالأسانيد المعتبرة، خلاصتها:
أن بشرا (هذا) كان من خواص الإمام الحسن العسكري، اشترى له جارية، أرسله خصيصا لشرائها الإمام العسكري من بغداد، من سفينة على ساحل النهر، فيها جواري للبيع. وذكر له من صفاتها أنها داخل حجابها لا تريد أن يشاهدها أحد، وترفض الذهاب مع أي أحد بأي حال من الأحوال، فإذا سلمها خطابا _ بعث به معه _ سترضى بالذهاب معه بعد شرائها. ففعل بشر كما أمره، وجاء بها من بغداد إليه، فإذا هي حفيدة ملك الروم، واسمها (مليكة). وكانت قد رأت في منامها المسيح u وجماعة من الحواريين والنبي r ووصيه (علي) والأئمة، فخطب النبي r مليكة من المسيح للإمام الحسن العسكري، فوافق المسيح بسعادة، وعقد الزواج .. ثم وقع لها منام آخر أشد غرابة، إذ جاءتها (مريم) _ عليها السلام _ ومعها فاطمة الزهراء وآلاف من الحور العين، حيث عرفتها مريم بالسيدة فاطمة أم زوجها الحسن العسكري، فلما طلبت رؤيته قالت لها: كيف يمكن هذا؟، أنت مسيحية مشركة .. فلما سمعت ذلك نطقت بالشهادتين ودخلت في الإسلام .. واستيقظت من منامها على ذلك .. فلما اشتد بها الشوق لزوجها الإمام الحسن العسكري، صحبت جنودا قادمين من بلادها لقتال المسلمين، فوقعت في الأسر، حتى جاءها بشر بن سليمان رسول الإمام الحسن العسكري بخطابه إليها، واشتراها له، فكانت جارية من جواريه .. وولدت له الإمام الثاني عشر .. وظلت ولادته مخفية غير ظاهرة .. وظل المولود مختفيا عن الأنظار.
فلما مات والده الحسن العسكري اختفى الطفل الصغير وغاب، وعمره أربع أو خمس سنوات. وبطريقة إعجازية أخذ معه كل المتاع الخاص بأئمة الشيعة الذين سبقوه، والذي ظل ينتقل من علي بن أبي طالب إلى كل إمام من الأئمة على التوالي، حتى وصل في نهاية الأمر إلى الحسن العسكري. ويتضمن المتاع: القرءان الكامل الذي جمعه وكتبه علي بن أبي طالب، وصحف الأنبياء السابقين في شكلها الأصلي، ومنها التوراة والإنجيل والزبور، ومصحف فاطمة، والجفر، والجامعة، ومعجزات الأنبياء السابقين، ومنها قميص آدم، وعصا موسى، وخاتم سليمان، وغير ذلك) ([35]).
أقول:
كيف حمل طفل صغير كل ذلك المتاع واختفى به في السرداب؟. وكيف ظل هذا الإمام حيا مختفيا منذ ولد إلى آخر الزمان؟!.
إنني أنصح (المشهور) أن يحسن قراءة التاريخ حتى لا تزري به كتبه عند طلبة العلم!!.
(22) لا خلاف بين عقائد أهل السنة وعقائد الشيعة:
قال الشيخ المشهور في كتابه (الأبنية الفكرية: 38):
( .. ويرى السيد الشاطري في (الأدوار) أن مذهب أهل السنة لا يختلف عن عقائد أئمة آل البيت النبوي، وهذا يؤيد القول لآنف أن أئمة آل البيت حيثما كانوا وعلى أي مذهب من مذاهب الإسلام المجمع عليها، يمثلون الإمامة كمرتبة ومقام اجتهادي، وإلى هذا يعني قول السيد الشاطري. إذ لا تنافي بين عقيدة أئمة آل البيت القدماء وبين عقيدة أهل السنة، كما تصرح بذلك الكتب المختصة، اللهم إلا إن كان في مسائل معروفة .. ). اهـ.
أقول:
(أولا): هذا الموضوع ليس لأحد أن يختزله بهذه الطريقة المصغرة التي ذكرتها أيها الشيخ!. إن غالبية الأمة في هذا الزمان من العوام وغيرهم، يرون أن أئمة آل البيت (القدماء) في عقائدهم، بأنهم على نفس ما هو عليه الفكر الشيعي الإمامي اليوم، من غلو وباطنية وشرك. بينما يرى الباحثون والمحققون أن ما ينسب إليهم هو مكذوب عليهم، وضعته الزنادقة والملاحدة، وقد تبرأ الأئمة - y - منها، إلا أن الفرق الضالة تمسكت بعقائدها، ونسبت لأئمة البيت مقالات كلها زور وبهتان، ليثبتوا عقائدهم الضالة في الأمة، ويحرفوا ما ورد عن الأئمة من التبرؤ منها، بأنها خرجت منهم من باب التقية.
وقد ارتبطت حياة كل إمام منهم بظهور فرق عاصرته وانتسبت إليه وغالت فيه. ومن أمثلة ذلك:
1) غلو السبئية في علي بن أبي طالب.
2) انتساب الكيسانية والمختارية إلى محمد بن الحنفية.
3) انتساب الهاشمية إلى أبي هشام عبد الله بن محمد بن الحنفية.
¥