(لما رجع النبي r من حجة الوداع، نزلت عليه في الثامن عشر من ذي الحجة آية] يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [فنزل (غدير خم) من الجحفة، ووقف هناك حتى لحقه من بعده، ورد من كان تقدم، ونادى بالصلاة جامعة، فصلى الظهر، ثم قام خطيبا، فكان من خطبته: {أيها الناس، الله مولاي،وأنا مولاكم، فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، ثم قال: اللهم فاشهد. ثم لم يفترقا رسول الله r وعليّ حتى نزلت هذه الآية] الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ [. فقال رسول الله r : الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الرب بالرسالة لي، والولاية لعليٍٍٍٍّ}!!.
أقول:
هذا الكلام لي معه وقفات إذ ليس هذه الرواية حديثا واحدا، بل هي روايات مختلفة لفقوا بينها للتدليس، حتى يظن السامع والقارئ أنها نسيج واحد، بينما الحق أن لكل واحدة منها سبب، وإليك بيان ذلك:
(أولا): الوارد في سبب نزول الآية:] يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... [الآية، أن الرسول r كان إذا خرج في غزوة انتدب بعض أصحابه لحراسته، حتى كان ذات ليلة، فأنزل الله تعالى:] يا أيها الرسول بلغ .. [فأخرج رأسه من قبة خيمته، وقال: {يأيها الناس انصرفوا، فقد عصمني الله}. فلم يتخذ بعد ذلك حارسا، حتى إنه سل أحد المشركين سيف النبي r وهو نائم وأراد قتله، فعصمه الله.
(ثانيا): الشيعة يزعمون أن النبي r أوقف الناس في (الجحفة) لأنه مفترق طريق الحجيج، ليبين لهم التنصيص على خلافة (علي) بعده. وهذا باطل!!. فإن (الجحفة) تبعد عن مكة (250 كم) تقريبا، فكيف مع هذا البعد تكون مفترقا للحجيج؟!.
بل الصحيح أنه r إنما رجع في أهل المدينة خاصة دون بقية الناس، وكان من عادته r الاستراحة في السفر، ليلحق به من تخلف. فحط رحله في (غدير خم). وليس توقفه هناك لأجل بيان خلافة (عليّ)!!.
(ثالثا): كان النبي r قبل توجهه إلى حجة الوداع أرسل (عليا) t إلى اليمن لجمع الصدقات، فوافاه علي بعد جمعها في مكة ليحج معه r ، وقد وجد الناس الذين ساروا مع عليّ t شدة في منعهم من استعمال شئ من الصدقات، فشكوه إلى النبي r في جلسة راحته في (غدير خم) فقام النبي r ووعظهم (ليبين صواب فعل عليّ في حفظ الصدقات)، وكان مما قال: {من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه}. لأن علبا t كان عامله على الصدقة، فالأمر يخص أهل المدينة، حتى لا يوقر شئ في قلوبهم من عليّ t .
( رابعا): قولهم في روايتهم: { .. وانصر من نصره، واخذل من ... } إلخ، هي زيادة مكذوبة ([40]).
(خامسا) الجزء الأخير من روايتهم ملفق مكذوب أيضا!! – أي (أنهما لم يفترقا رسول الله r وعليّ حتى نزلت الآية] اليوم أكملت لكم دينكم .. [.
وهذه الآية إنما نزلت في (عرفة) قبل يوم الغدير بأيام، وهذا لا مجال للتشكيك فيه، وهو في الصحيحين ([41]).
(سادسا): معنى {مولاه} في الحديث من (الموالاة) وهي المحبة والمؤازرة والنصرة، لا كما تزعم الشيعة أنه بمعنى (واليه) من الوالي. فإنه خلاف اللغة، قال تعالى] فإن الله هو مولاه وجبريل .. [.
هذا هو (يوم الغدير) الذي تعظمه الشيعة في كل مكان، لما يزعمون أنه يوم أخذ فيه النبي r البيعة بالخلافة لعلي t من جميع الصحابة، وقد كشفنا لك زيفهم.
فهل يليق بعد هذا أن يفتح الشيخ (المشهور) – هداه الله - الباب للاحتفال به وبغيره من المناسبات الباطلة؟!.
وختاماً:
أرجو أن أكون قد وفقت في النصح والبيان للشيخ (أبي بكر المشهور) أولا، ثم للمحبين له ثانيا، كما أرجو من الشيخ أن يفسح صدره لهذه المؤاخذات، التي مقصدنا فيها بيان الحق، وليعذرنا الشيخ إن كان في ما أوردناه قسوة، فإن نصيحتي له هي استجابة لدعوة الشيخ نفسه بأن يُسدى له النصح حين قال في كتابه (تقليب الأرض الخاشعة: 6):
¥