قال الإمام الذهبي: يريد إجابة دعاء المضطر عنده لان البقاع المباركة يستجاب عندها الدعاء، كما أن الدعاء في السحر مرجو، ودبر المكتوبات، وفي المساجد، بل دعاء المضطر مجاب في أي مكان اتفق، اللهم إني مضطر إلى العفو، فاعف عني. اهـ
فالإمام الذهبي يبين أن المعنى إجابة الدعاء عند قبر معروف وليس دعاء معروف وطلب الحوائج منه ..
ولا يلزم من نقل الخبر لا سيما أخبار التراجم الإقرار بكل ما فيها .. وقد نقل هذا كثير من العلماء مثل ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة والخطيب في تاريخ بغداد وغيرهما ..
قال المعلق على سير النبلاء (ج 10 / ص 291):
(1) هذا الكلام لا يسلم لقائله، إذ كيف يكون قبر أحد من الأموات الصالحين ترياقا ودواءا للأحياء، وليس ثمة نص من كتاب الله يدل على خصوصية الدعاء عند قبر ما من القبور، ولم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ولا سنه لأمته، ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا استحسنه أحد من أئمة المسلمين الذين يقتدى بقولهم، بل ثبت النهي عن قصد قبور الأنبياء والصالحين لأجل الصلاة والدعاء عندها، فعن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زين العابدين الثقة الثبت، الفقيه أنه رأى رجلا يجئ إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيدخل فيها فيدعو، فدعاه، فقال: ألا أحدثك بحديث سمعته من أبي عن جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: " لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، وصلوا علي، فإن صلاتكم وتسليمكم تبلغني حيثما كنتم " أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 375، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رقم (20)، ويقويه ما أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (6726) من طريق سهيل، عن الحسن بن علي قال: رأى قوما عند القبر، فنهاهم، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا قبري عيدا ".
وأخرجه أبو داود (2042)، وأحمد 2/ 367 من طريق عبد الله بن نافع، عن ابن
أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم "، وهذا سند حسن.
وأخرج ابن أبي شيبة في " المصنف " 2/ 376 من طريق أبي معاوية عن الأعمش، عن المعرور بن سويد قال: خرجنا مع عمر في حجة حجها، فقرأ بنا في الفجر: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) و (لإيلاف قريش)، فلما قضى حجه ورجع والناس يبتدرون، فقال: ما هذا؟ فقالوا: مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هكذا هلك أهل الكتاب، اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا، من عرضت له منكم فيه الصلاة، فليصل، ومن لم تعرض له منكم فيه الصلاة، فلا يصل. وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
وجاء في " مناسك الحج للامام النووي 69/ 2، وهو من محفوظات الظاهرية ما نصه: كره مالك رحمه الله لأهل المدينة كلما دخل أحدهم وخرج الوقوف بالقبر، قال: وإنما ذلك للغرباء، قال: ولا بأس لمن قدم من سفر، أو خرج إلى سفر أن يقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
قال الباجي: فرق مالك بين أهل المدينة والغرباء، لان الغرباء قصدوا ذلك، وأهل المدينة مقيمون بها.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد " فتأمل قول مالك: " يصلي عليه ويدعو له ولأبي بكر وعمر " فإن هذه هي الزيارة الشرعية للقبور أن نسلم على أصحابها وندعو لهم كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المخرج في صحيح مسلم (974) عن عائشة، و (975) عن بريدة. انتهى من المحقق.
وجاء في الفروع لابن مفلح (3/ 152): الاستعاذة لا تكون بمخلوق، قال إبراهيم الحربي: الدعاء عند قبر معروف الترياق المجرب.
وقال شيخنا (ابن تيمية): قصده للدعاء عنده رجاء الإجابة بدعة لا قربة باتفاق الأئمة، وقال أيضا: يحرم بلا نزاع بين الأئمة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط (1/ 342):
¥