تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن قيل قد نقل عن بعضهم أنه قال قبر معروف الترياق المجرب وروي عن معروف أنه أوصى ابن أخيه أن يدعو عند قبره وذكر أبو علي الخرقي في قصص من هجره أحمد أن بعض هؤلاء المهجورين كان يجيء إلى عند قبر أحمد ويتوخى الدعاء عنده وأظنه ذكر ذلك المروزي ونقل عن جماعات بأنهم دعوا عند قبور جماعات من الأنبياء والصالحين من أهل البيت وغيرهم فاستجيب لهم الدعاء وعلى هذا عمل كثير من الناس ..

وقد ذكر المتأخرون المصنفون في مناسك الحج إذا زار قبر النبي صلى الله عليه و سلم فإنه يدعو عنده ..

وذكر بعضهم أن من صلى عليه سبعين مرة عند قبره ودعا استجيب له ..

وذكر بعض الفقهاء في حجة من يجوز القراءة على القبر أنها بقعة يجوز السلام والذكر والدعاء عندها فجازت القراءة عندها كغيرها ..

وقد رأى بعضهم منامات في الدعاء عند قبر بعض الأشياخ وجرب أقوام استجابة الدعاء عند قبور معروفة كقبر الشيخ أبي الفرج الشيرازي المقدسي وغيره ..

وقد أدركنا في أزمامنا وما قاربها من ذي الفضل عند الناس علما وعملا من كان يتحرى الدعاء عندها والعكوف عليها وفيهم من كان بارعا في العلم وفيهم من له عند الناس كرامات فكيف يخالف هؤلاء ..

وإنما ذكرت هذا السؤال مع بعده عن طريق أهل العلم والدين لأنه غاية ما يتمسك به القبوريون.

قلنا الذي ذكرنا كراهته لم ينقل في استحبابه فيما علمناه شيء ثابت عن القرون الثلاثة التي أثنى عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم حيث قال خير أمتي القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم مع شدة المقتضى عندهم لذلك لو كان فيه فضيلة فعدم أمرهم وفعلهم لذلك مع قوة المقتضى لو كان فيه فضل يوجب القطع بأن لا فضل فيه ..

وأما من بعد هؤلاء فأكثر ما يفرض أن الأمة اختلفت فصار كثير من العلماء والصديقين إلى فعل ذلك وصار بعضهم إلى النهي عن ذلك فإنه لا يمكن أن يقال اجتمعت الأمة على استحسان ذلك لوجهين:

أحدهما أن كثيرا من الأمة كره ذلك وأنكره قديما وحديثا.

الثاني أنه من الممتنع أن تتفق الأمة على استحسان فعل لو كان حسنا لفعله المتقدمون ولم يفعلوه فإن هذا من باب تناقض الاجماعات وهي لا تتناقض وإذا اختلف فيه المتأخرون فالفاصل بينهم هو الكتاب والسنة وإجماع المتقدمين نصا واستنباطا، فكيف وهذا والحمد لله لم ينقل هذا عن إمام معروف ولا عالم متبع بل المنقول في ذلك إما أن يكون كذبا على صاحبه مثل ما حكى بعضهم عن الشافعي رحمه الله أنه قال إذا نزلت بي شدة أجيء فأدعو عند قبر أبي حنيفة رحمه الله فأجاب أو كلاما هذا معناه وهذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له أدنى معرفة بالنقل ..

فإن الشافعي لما قدم ببغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة بل ولم يكن هذا على عهد االشافعي معروفا وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عند قبر أبي حنيفة ..

ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن وابن زياد وطبقتهم لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند قبر أبي حنيفة ولا غيره ..

ثم قد تقدم عن الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور الصالحين خشية الفتنة بها،

وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه

وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف ونحن لو روى لنا مثل هذه الحكايات المسيبة أحاديث عمن لا ينطق عن الهوى لما جاز التمسك بها حتى تثبت فكيف بالمنقول عن غيره ..

ومنها ما قد يكون صاحبه قاله أو فعله باجتهاد يخطئ فيه ويصيب أو قاله بقيود وشروط كثيرة على وجه لا محذور فيه فحرف النقل عنه كما أن النبي صلى الله عليه و سلم لما أذن في زيارة القبور بعد النهي عنها فهم المبطلون أن ذلك هو الزيارة التي يفعلونها من حجها للصلاة عندها والاستغاثة بها ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير