خلدون 3/ 1285 - 1286].
• يقول الدكتور محمد حسان الطيان العضو المراسل في مجمع اللغة العربية بدمشق: ((الفصاحة معاناة ومزاولة، تشترك فيها جميع الحواسِّ والمدارك، تبدأ بالسماع وتمرُّ بالقراءة لتنتهي بالكتابة والكلام الفصيح، فهي عمل متواصل للأذن والعين واليد واللسان، إذ هي تمرّس وتدريب يتبع الاكتساب والتحصيل، ولا يغني فيها اكتساب عن تمرُّس، ولا تحصيل عن تدريب، إنما تحصل بمجموع ذلك كله، ولعل أثر التمرّس والتدريب أكبر من أثر التحصيل والاكتساب لما لهما من أهمية في نمو ملكة اللغة وتثبيت أركانها وتوطيد دعائمها، وكلما أكثر المرء من استعمال لسانه في ضروب من الفصاحة كان ذلك أطلقَ للسانه وأبلغ لبيانه وأعودَ عليه بزيادتها وبلوغ الغاية فيها)).
مما تقدَّم يظهر أن ملكة اللغة يمكن أن تحصَّل ببذل الجهد، وكثرة الحفظ والمطالعة للفصيح من الكلام، وبتدريب اللسان على التحدث بالفصحى واستعمال العربية السليمة.
ومن ثَم فإنني أنصح لك أختنا الفاضلة باتباع الخطوات الآتية:
1 - يجب أن تعزمي عزمًا أكيدًا على إتقان التحدث بالفصحى، ومع الإرادة الصلبة والرغبة الجادَّة تهون كل عقبة.
2 - لابد من تدريب اللسان على النطق بالفصحى، وتكون البداية بقراءة الكتب الجيدة، ذات الأساليب المشرقة، المضبوطة ضبطًا تامًّا سليمًا، قراءة بصوت مسموع.
ومن الكتب التي أقترحها عليك: صور من حياة الصحابة، وصور من حياة التابعين، كلاهما لعبدالرحمن رأفت الباشا (طبعة دار الأدب الإسلامي). والنظرات والعبرات لمصطفى لطفي المنفلوطي (الطبعة التي اعتنى بضبطها: بسام الجابي). ونصوص الأدب في الكتب المدرسيَّة تفي بالغرض أيضًا.
3 - بعد الإكثار من قراءة النصوص المضبوطة بصوت مسموع، ابدئي في قراءة المقالات والقصص غير المضبوطة، على مسمع زميلة لك متقنة للعربية، تتابع قراءتك في نسخة أخرى، وتضع خطوطًا تحت الألفاظ التي لحنتِ في ضبطها. وبعد فراغك من قراءة النص تعرض عليك الأخطاء، وتعودين إلى قراءة الجمل التي أخطأتِ فيها على الصواب، وتكررينها مرات ليرسخ الصواب في الذهن.
4 - حين تأنسين من نفسك إتقان قراءة النصوص غير المشكولة رسمًا، قراءةً صحيحة مضبوطة نطقًا، انتقلي إلى المرحلة التالية، وهي إلقاء قصص أو موضوعات أو دروس قصيرة في حضور زميلة لك متقنة، والتزمي في إلقائك الفصاحة وتحريك أواخر الكلمات بالحركات الصحيحة، وتقوم زميلتك بتسجيل العبارات التي أخطأتِ فيها، وبعد إتمامك الإلقاء تعرض عليك الأخطاء، فتعيدين العبارات على وجهها الصحيح وتكررينها مرات، حتى تستقر في ذهنك وأذنك على الصواب.
5 - بعد هذه المراحل من التدريب ابدئي في تعويد لسانك التواصل مع زميلاتك -وبخاصة مدرِّسات اللغة العربية- بالفصحى، وابذلي من الجهد الغاية في التزامها داخل الفصل عند إلقاء الدروس وفي التواصل مع طالباتك، واعملي على تحبيب العربية إليهن، والأخذ بأيديهن شيئًا فشيئًا إلى إتقان المحادثة، وخصصي في بداية بعض الحصص وقتًا لحوارات تجرينها معهن بالعربية الفصيحة.
6 - اجعلي الكتاب صديقًا دائمًا لك، واقتطعي وقتًا ثابتًا يوميًّا يخصَّص للقراءة، وانتقي من الكتب أفضلها، ومن القصص أحسنها، وأرغبك بكتب عدد من أئمة البيان المعاصرين مثل: مصطفى صادق الرافعي، وأحمد حسن الزيات، وعلي الطنطاوي، ومحمود محمد شاكر، ومحمود الطناحي .. وقبل كل هذا عليك بالوحيين القرآن الكريم وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ كل الخير فيهما.
7 - وأنصحك بالانتساب إلى إحدى الدورات التدريبية على المحادثة التي يقيمها الدكتور عبدالله الدنَّان رائد تعليم الفصحى في العالم العربي بالفطرة والممارسة، أو أحد المدرِّبين المعتمدين من قبله في بلدك.
هذا ما يخص التحدث، أما إتقان الكتابة بأسلوب بليغ مبين، فيتطلب أيضًا الكثير من الدُّربة والمرانة، وأولى خطوات هذه السبيل كثرة القراءة الواعية لذوي الأساليب العالية المشرقة الرصينة. ثم بذل الجهد في تعويد النفس تدوينَ الخواطر، وكل ما يجيش في القلب من مشاعر، وعرض المكتوب على بعض الأدباء والمتمكنين من الأساليب ليبدوا ملاحظاتهم على ما كتبتِ.
ويمكن أن تختاري موضوعًا كتب فيه أحد الأدباء الأفاضل المتمكنين، فتنشئي في الموضوع نفسه مقالة، ثم توازني بين نصِّك ونص الأديب.
إنني لواثق إذا ما خطوت هذه الخطوات أن تجدي نفسك قد ارتقيت في قدراتك، وصرت قادرة على الحديث بالفصحى بطلاقة وسلامة، وكذلك التعبير عن مكنونات نفسك أحكم تعبير وأجمله.
نشكر لك أختنا الفاضلة تواصلك مع الألوكة.
ونسأل الله لك التوفيق في تحقيق ما تصبو إليه نفسك.
والحمد لله أولاً وآخرًا.))
المصدر: الألوكة. ( http://www.alukah.net/Fatawa_Counsels/0/14432/)
ـ[أحمد بن عمر المغربي]ــــــــ[17 - 11 - 10, 11:37 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ولعل الاجابة يمكن تلخيصها في
"إذ هي تمرّس وتدريب يتبع الاكتساب والتحصيل، ولا يغني فيها اكتساب عن تمرُّس، ولا تحصيل عن تدريب، إنما تحصل بمجموع ذلك كله".