[أجد صعوبة في التحدث والكتابة بالفصحى؟!]
ـ[أبو الأزهر السلفي]ــــــــ[17 - 11 - 10, 03:17 ص]ـ
[أجد صعوبة في التحدث والكتابة بالفصحى؟!]
أيمن بن أحمد ذو الغنى ( http://www.alukah.net/Authors/View/Fatawa_Counsels/2212/)
* السؤال:
((أنا معلمة لغة عربية ولكني أجد صعوبة في التحدث والكتابة باللغة الفصيحة!! ما السبيل لإجادتها وجزاكم الله خيرًا.))
* الجواب:
((أختنا الكريمة، نحييك ونشكر ثقتك الغالية بموقعك الألوكة،
ونحيي فيك اهتمامك، وحرصك على تطوير ذاتك، والارتقاء بمهاراتك وقدراتك ..
لا شك أن إتقان التحدث والكتابة بالفصحى أمر ضروري جدًّا، لأبناء العرب عمومًا، وللمتخصصين باللغة العربية خصوصًا. ومن غير اللائق أن نجد في طلابنا وأبنائنا من لا يتقن التحدث والكتابة بالعربية، التي يُفترض أن يرضعها الجميع مع لبان أمهاتهم.
وسأذكر بين يدي الإجابة بعض الأمور توطئة لها وتمهيدًا:
• لا يُعد المرء متقنًا لغة ما -أيَّ لغة- ما لم يتقن مهاراتها الأربع: القراءة، والكتابة، والتحدث، والفهم.
• يُفترَض بمعلمي اللغة العربية أن يكونوا قدوة لطلابهم في فصاحة اللسان والقدرة على الإبانة، وإذا كان لا يَحسُن بالمعلمين للموادِّ العلمية أن يدرِّسوا بغير الفصحى التي هي لغة الكتاب المدرسي، فإن من العار أن تدرَّس مادة اللغة العربية بغير الفصحى!
• في الوقت نفسه أعذِر كل من لا يتقن التحدُّث بالفصحى بعض العذر؛ لأننا أبناءَ العرب نشأنا في بيئات فشت فيها العامية، على اختلاف العاميَّات، فاكتسبناها في مرحلة الاكتساب الفطري للغة، بدلَ أن نكتسبَ لغة ديننا وتراثنا وتاريخنا وحضارتنا؛ الفصحى!
• كان يُفترَض أن يكون في مقرَّراتنا المدرسيَّة مادة (محادثة باللغة العربيَّة)، يدرَّب الطلابُ في حصصها على الحوار والحديث، واستعمال اللغة عمليًّا؛ إذ لا يجوز الاكتفاء بتدريس القواعد والنحو العربي. ومن الغريب حقًّا أن مادة المحادثة مفقودة أيضًا في المناهج الجامعيَّة، أي أن طلابنا المتخصصين باللغة العربية يتخرَّجون في الجامعة دون أن يُدرَّبوا على المحادثة، ولو لساعة واحدة! في حين إذا انتسب أحدنا إلى أيِّ معهد لتعليم اللغات الأجنبية فإنه سيجد مادة المحادثة مقرَّرة جنبًا إلى جنب مع مادة القواعد.
• يُقال: فاقد الشيء لا يعطيه، فإذا كنا لا ندرَّب على استعمال العربية الفصحى في كلامنا استعمالاً صحيحًا بيِّنًا، فكيف نُطالَب بالتدريس بالفصحى؟!
لا شك أنها مشكلة، ولكننا لا يمكن -ولا يجوز لنا- أن نرضى بهذا الواقع، ولا أن نستسلمَ له.
• يظن بعض الناس أن دراسة النحو والقواعد تكفي لإقامة اللسان، وهذا غير صحيح، إذ النحو لا يُعلم اللغة، ومن أراد أن يحسن اللغة فسبيله استظهار روائعها، لا قراءة النحو واستظهار مسائله! ((إن إحسان اللغة إنما يكون في مصاحبة القرآن، والحديث، ونهج البلاغة، وديوان زهير، وجرير والفرزدق والأخطل، وبشار وأبي العتاهية، وأبي تمام والبحتري والمتنبي، وفي ملازمة الجاحظ، وأسألكَ بالله أن تستمسكَ بكتب الجاحظ، فإنها يَنبوع لغة وأدب لا ينضب، وفي ملازمة الأغاني فإنه مدرسةٌ لطواعية المفردات، في مواضعها من جَزل التراكيب. فاستظهر الروائع من كلِّ ذلك، واحفظها عن ظهر قلب كما تحفظ اسمَك. وأما النحو فيعلِّمك النحوَ، وشيئًا من القواعد .. )). [عن مقدمة كتاب ((الكفاف)) ليوسف الصيداوي ص55 - 56].
• ذكر العلامة ابن خلدون في مقدمته الشهيرة، سبلَ اكتساب ملكة اللغة فقال: ((اعلم أن ملكة اللسان المضريِّ لهذا العهد قد ذهبت وفسدت ... إلاّ أن اللغات لما كانت ملكات ... كان تعلُّمها ممكنًا شأن سائر الملكات. ووجهُ التعليم لمن يبتغي هذه الملكة ويروم تحصيلها أن يأخذَ نفسه بحفظ كلامهم القديم الجاري على أساليبهم من القرآن، والحديث، وكلام السلف، ومخاطبات فحول العرب في أسجاعهم وأشعارهم، وكلمات المولَّدين أيضًا في سائر فنونهم، وحتى يتنَزَّل لكثرة حفظه لكلامهم من المنظوم والمنثور مَنْزلةَ من نشأ بينهم ولُقِّن العبارةَ عن المقاصد منهم، ثم يتصرَّف بعد ذلك في التعبير عمَّا في ضميره على حسب عباراتهم، وتأليف كلماتهم، وما وعاه وحفظه من أساليبهم وترتيب ألفاظهم، فتحصلُ له هذه الملكة بهذا الحفظ والاستعمال، ويزداد بكثرتهما رسوخًا وقوة)). [مقدمة ابن
¥