تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويظهر لي أنَّ راوي الكتاب عن ابن البطي هو عبد الوهاب بن علي بن علي، ابن سُكينة البغدادي المعروف بالأمين، فقد جاء في فاتحة الجزء الثاني من النسخة: "أخبرنا الشيخ الأمين، قيل له: أنبأكم الشيخ أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سَلْمان ابن البَّطي، فأقَرَّ به، قال: أنبأنا الإمام الحافظ أبو عبدالله محمد بن أبي نصر بن عبدالله الحميدي رحمه الله"، فلا نعرف في طبقة تلامذة ابن البطي من عرف بهذا اللقب سواه، ومولده سنة 519هـ ووفاته سنة 607هـ، وكان من كبار علماء بغداد ثقة زاهدًا ربانيًا (2).

والظاهر أنَّ الشيخ ضياء الدين أبا الروح عيسى بن سليمان بن رمضان بن أبي الكرم الثعلبي المصري القرافي الشافعي (571 – 660هـ) قد سمع هذه النسخة من الأمين ابن سُكينة، فقد جاءت إشارة في ترجمة أحمد بن عمر بن أنس العذري من "الجذوة" عند ذكر حكاية رواها حول قدوم محمد بن إسماعيل البخاري وامتحان أهل بغداد له وورودها في النسخة الفاسية مختصرة: "قال عيسى بن سليمان عفى الله عنه: أنا اختصرتها" (3).ولا أعرف من يسمى بهذا الاسم من هذه الطبقة سوى اثنين هذا أحدهما، والآخر هو عيسى بن سليمان بن عبدالله بن عبد الملك أبي موسى الرعيني الأندلسي المالقي المعروف بالرُّندي (581 –632) (4) وكان سماعه في المشرق بعد سنة 615هـ كما يظهر من ترجمته، حيث قضى هناك ستة عشر عامًا، وعاد إلى بلده سنة 631هـ، وتوفي بعد ذلك بسنة، والأمين ابن سكينة توفي سنة 607هـ. ومن الجدير بالذكر أن ضياء الدين عيسى بن سليمان الثعلبي المصري كان من المعنيين بصحيح البخاري إذ كان آخر من حدث به عن مولاه أبي صادق مرشد المديني (5).

وهناك إشارة في نهاية الجزء الأول للأصل الذي نُسخت منه هذه النسخة حيث جاء فيها: "آخر الجزء الأول من كتاب جذوة المقتبس تاريخ الأندلس من نسخة أبي عامر محمد بن حمدون بخطه".ولم أقف على ترجمة لأبي عامر هذا مع طول البحث والفحص. كما جاءت إشارة في آخر هذا الجزء تفيد مقابلة النسخة بالأصل: "بلغ مقابلة بالأصل الذي نسخ منه ولله الحمد"، ومع ذلك فإن المقابلة لم تكن دقيقة، وربما كانت لهذا الجزء الأول فقط بدليل عدم وجود أثر لهذه المقابلة في حواشي النسخة، وكثرة الأخطاء والسقطِ الذي وقع فيها، مما يدل على عدم دقة الناسخ وغياب المقابلة الحقيقية.

ورواية ابن البطي لهذا الكتاب، إن صحت النسخة، تختلف اختلافًا ما عن النسخة البودليانية التي لم نقف على راويها عن الحميدي (6) من حيث:

1. الاختلاف في عدد الأجزاء وتقسيمها.

2. وجود بعض الزيادات في أثناء التراجم.

3. وجود تراجم غير موجودة في النسخة البودليانية.

4. اختلاف بَيّن في سبك بعض عبارات الكتاب أو فقراته.

وهذه الزيادات والتراجم وإن كانت قليلة جدًا كما سيأتي لكن ابن عميرة الضبي لم ينقل شيئًا منها البتة في " بغية الملتمس" مع معرفتنا بعنايته بنقل ما جاء في "الجذوة" مما يدل على أنه لم يطلع على رواية ابن البطي عن الحميدي لهذا الكتاب.

وقد ظهر لي من غير ريب أنَّ الحميدي قد أعاد النَّظَر في بعض جوانب كتابه في هذه الرواية، ولعلها آخر ما ارتضاه، فهي النشرة الأخيرة منه، ولعله حَدَّث بهذه الرواية في آخر حياته، فابن البطي كان في الحادية عشرة من عمره عند وفاة الحميدي. ومن الطبيعي أن يعيد المؤلف النظر ببعض التراجم، ويضيف تراجم أخرى، ويعدل بعض العبارات، وكان بعض من أخذ الكتاب عن الحميدي قبل ذلك قد كتب نسخته، فنسخت عنها النسخ، بدلالة اعتماد عدد من العلماء على الرواية الأولى، مثل ابن بشكوال وابن عميرة الضبي وغيرهما.

أولاً:- اختلاف عدد الأجزاء:

فأما تجزئة الكتاب، فمعلوم أنَّ النسخة البودليانية تتكون من عشرة أجزاء، كما بيناه في مقدمتنا لنشرتنا من الجذوة.

أما رواية ابن البطي فجاءت في سبعة أجزاء:

الجزء الأول هو نفسه في النسخة البودليانية.

أما الجزء الثاني فيبدأ مع بداية الجزء الثاني في البودليانية لكنه يستمر إلى نهاية المحمدين، بينما يقف الجزء الثاني في البودليانية عند ترجمة أبي عبد الله محمد بن غالب، في أثناء المحمدين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير