? يعد " الفهرست " أقدم كتاب بيلوغرافي وصلنا بالعربية , ذكر فيه قرابة 6400 كتاب و لكن ترتيبه مختلف عن ترتيب الكتب الأخرى فقد صنفه على عشرة موضوعات سماها مقالات و قسم كل مقالة إلي فنون بلغ عددها ثلاثة و ثلاثين فنا في اللغة و الشعر و الفقه و الحديث و الفلسفة و العلوم البحتة و الطب و الصيدلة و الموسيقى و غيرها (). و يظن أن ابن النديم ألف كتابه " الفهرست " أولا عن الكتب اليونانية و المترجمة و أسماء المترجمين و النقلة كما يتضح ذلك من نسخة مخطوطة بمكتبة كوبريلي باستانبول تحت رقم 1135 كتبت سنة 600 هـ و هي نسخة قائمة بذاتها و تحتوي على أربع مقلات فقط و هذه المقالات تطابق المقالات السابعة إلي العاشرة من الكتاب. و لعل ابن النديم كان كتابه في الأصل على هذه المقالات ثم جعل كتابه شاملا لكل الفنون فأضاف إليه المقالات الست الأولى و صار بذلك في عشر مقالات. ()
أما رضا-تجدد في مقدمة تحقيقه للفهرست فقد ذكر أنه حقق الكتاب من مخطوطتين الأولى: مخطوطة جستربيتي و قد وجدها بدبلن و قال إنها تحتوي على المقالات الأربع الأولى و نبذة من المقالة الخامسة أما الثانية: فهي مخطوطة شهيد علي باشا بمكتبة السليمانية باسلامبول و قال أنها تبتدئ رأسا بترجمة الواسطي أبي عبد الله محمد بن زيد الواسطي في الفن الأول من المقالة الخامسة و تمتد إلي آخر المقالة العاشرة. و زعم أنهما معا يكونان معا الكتاب (). و يقول الدكتور أيمن فؤاد سيد: و رغم أننا لا نملك نسخة كاملة من الفهرست فقد كانت مع ياقوت الحموي في مطلع القرن السابع الهجري نسخة منه بخط ابن النديم نفسه (). لكننا لا نستطيع أن نجزم بأن ما تم الحصول عليه من مخطوطات غير كاملة أنهم جميعا يمثلون النسخة الكاملة التي كانت بين يدي ياقوت الحموي مثلا.
? أما طريقته في تصنيف الكتاب فلا نكاد نجد سمتا واحدا يسير عليه و لا يحيد عنه لكن الغالب هو أن يتعرض لفن من الفنون فيتحدث عنه أو لا يتحدث ثم يذكر العلماء والمصنفين في هذا الفن و مؤلفاتهم و يترجم لهم غالبا.
? و قد أشار الدكتور أيمن فؤاد سيد في كتابه " الكتاب العربي المخطوط " إلى أشهر من اعتنوا بجمع الكتب و الاعتناء بها و ذكر منهم النديم و ياقوت الحموي و القفطي ثم قال إن ثلاثتهم قد اعتمد فيما أوردوه من معلومات عن الكثير من الكتب النادرة المتقدمة التي فقدت أصولها اليوم على عالم نحوي كوفي معروف ب"ابن الكوفي" (). و يبدو من اقتباسات ابن النديم عن ابن الكوفي أنه كان صاحب مؤلف كبير في تاريخ الكتب ().
من مصادر النديم في الفهرست في معرفة أسماء الكتب و أسماء المصنفين
- أكثر النديم من النقل عن ابن الكوفي فهو يكثر من قوله " نقلت من خط ابن الكوفي" أو "قرأت بخط ابن الكوفي" و نحو ذلك.
- فهرست جابر بن حيان. قال النديم: و له فهرستا كبيرا يحتوي على جميع ما ألف في الصنعة و غيرها , و له فهرست صغير يحتوي على ما ألف في الصنعة فقط.
- فهرست كتب أرسطوطاليس ليحيى بن عدي المنطقي. فتجد النديم يقول مثلا:" كذا قرأت بخط يحيى بن عدي في فهرست كتبه "
- فهرست كتب جالينوس لحنين بن إسحاق. و رجع إليه النديم في مواضع كثيرة
- فهرست لكتب أبي بكر الرازي. و نقل منه النديم قائلا: "ما صنفه الرازي من الكتب منقولة من فهرسته"
المبحث الرابع: ما للكتاب و ما عليه
من إيجابيات كتاب " الفهرست":
- الكتاب يعد فريدا في بابه رجع إليه الذين أتوا بعده من البيلوغرافيين العرب
- استطاع النديم أن يرصد لنا قدرا كبيرا من المؤلفات التي صنفت حتى أواخر القرن الرابع الهجري خاصة و أن كثيرا مما ذكره النديم في عداد المفقود
- تنوع النديم في ذكر فنون مختلفة أفاد الباحثين بتنوع اتجاهاتهم و مقاصدهم
- استخدام الإحالات فإذا جاء ذكر مؤلف بصورة عارضة يحيل إلي أنه ورد في موضع سابق أو سيرد في موضع لاحق. و كذلك إذا ذكر مؤلفات مؤلف في فن ما و لهذا المؤلف آثار أخري في فن آخر يقوم النديم بالإحالة إليها
بعض المآخذ علي الكتاب:
ليس الحديث عن بعض المآخذ هو تقليل من شأن العمل و من شأن مصنفه و لكن كما يقولون" لكل شئ إذا ما تم نقصان " هذا إذا افترضنا أن النديم أتم كتابه قبل وفاته و لا شك كما سبق و أن ذكرنا أن النديم صاحب قدم السبق في التصنيف البيلوغرافي.
¥