?? فيما يلي بعض المآخذ التي استرعت انتباهي من خلال النظر في الكتاب و في كلام الباحثين:
- التفاوت الواضح في الحديث عن الفنون المختلفة فتراه يسهب أحيانا في مواضع و يحجم في مواضع أخرى. و لعله أسماها مقالات ليخرج نفسه من الحرج فلا يستدرك عليه بذلك كما تجده أحيانا يمهد لبعض المقالات بتمهيد يسير فمثلا: في المقالة الرابعة - و موضوعها الشعر و الشعراء - يقول: "غرضنا في هذه المقالة أن نبين عن ذكر صناع أشعار القدماء وأسماء الرواة عنهم و دواوينهم ... ". و هذا يدل علي تنوع أغراض النديم من خلال مقالاته.
- كذلك كان التفاوت جليا فيمن ترجم لهم فأحيانا يترجم ترجمة ناصعة لبعض المصنفين – و قد يكون مجروحا عند أهل العلم – في نفس الوقت الذى يترجم فيه لكبار العلماء ترجمة موجزة جدا. بل أحيانا يذكر اسما و لا يترجم له.
- أهمل النديم ذكر كثير من أهل العلم ممن كانت لهم شهرة في زمانه و من قبله خاصة من أصحاب الحديث الذين كانت مؤلفاتهم كثيرة جدا. و عجبت لموضع في " الفهرست " ذكر فيه النديم ابن أبي داوود السجستانى في الفن السادس من المقالة السادسة: و اسمه سليمان ابن الأشعث .. ثم ذكر وفاته 316 هـ. و الراجح أنه أراد أن يفسر كنية أبيه فقال هو سليمان بن الأشعث. لكن العجب من أن يذكر ابن أبي داوود و ينسى أباه الإمام أبي داوود و هو إمام الحديث في عصره و من أصحاب الإمام أحمد و له كتاب السنن و هو من الكتب الستة و كذلك له كتاب المراسيل و غيره. فشهرة أبي داوود أكبر بكثير من شهرة ولده.
- يهمل النديم كثيرا ذكر اسم الكتاب كاملا و أهمية هذا الأمر لا تخفى على الباحثين فهناك مواضع كثيرة يشير إلى وصف الكتاب أو موضوعه دون اسمه فتجده مثلا يقول عن غير واحد: "و له كتاب السنن في الفقه " و هذا قد يوهم الباحث فربما يكون للمؤلف مصنفان كلاهما يحتويان على الأحاديث النبوية مرتبة علي أبواب الفقه لكن المؤلف يسم كلا منهما باسم مختلف.
- لم يخضع ذكر المصنفين و مصنفاتهم لترتيب بعينه فلا هو رتبهم ترتيبا أبجديا و لا حتى على التقادم في الوفاة
- و من مخالفته طبيعة الكتاب كفهرس للكتب أننا نجده في بعض المواضع يذكر مؤلفا أو أكثر و لا يذكر له كتبا ألبته. و في مواضع أخرى لا يذكر عنوان الكتاب كما سماه صاحبه بل يكتفي بذكر موضوعه ().
- أقحم النديم في مقدمة كتابه كلاما في فضل القلم و الخط و الكتابة العربية و هي أمور خارجة عن الكتاب ().
المبحث الخامس: أثر مذهب النديم في تصنيفه للفهرست
قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان في ترجمته للنديم: " وقد ذكر له الذهبي ترجمة في تاريخ الإسلام فيمن لم يعرف له وحده على رأس الأربع مائة فقال محمد بن إسحاق بن النديم أبو الفرج الإخباري الأديب الشيعي المعتزلي ذكر أنه صنف الفهرست سنة سبع وسبعين و ثلاث مائة قال و لا أعلم متى توفي قلت: ورأيت في الفهرست موضعا ذكر أنه كتب في سنة اثنتي عشرة و أربع مائة فهذا يدل على تأخيره إلى ذلك الزمان و لما طالعت كتابه ظهر لي أنه رافضي معتزلي فإنه يسمي أهل السنة الحشوية ويسمى الأشاعرة المجبرة ويسمي كل من لم يكن شيعيا عاميا " ().
و الراجح أن الذهبي و ابن حجر قد اطلعا علي نسخة كاملة من "الفهرست". و حتى النسخ التي وصلتنا نجد في مواضع كثيرة من الكتاب تشيع النديم ظاهرا و لنذكر موضعا واحدا للتمثيل علي ذلك؛ في ترجمته للعياشي () فقال عنه: من فقهاء الشيعة الإمامية، أوحد دهره و زمانه في غزارة العلم .. ثم ذكر عددا كبيرا جدا من كتبه ثم قال و مما صنفه من رواية العامة؛ كتاب سيرة أبي بكر، كتاب سيرة عمر ... . و النديم يقصد بالعامة هنا أهل السنة و بالطبع الخاصة عنده هم الشيعة الرافضة.
¥