وقال المقريزي أيضاً: وقعَ بها الحريقُ يوم الجمعة رابع صفر سنة إحدى وتسعين وست مائة، فتلفَ بها من الكتب، في الفقهِ والحديثِ والتاريخ وعامة العلوم، شيءٌ كثيرٌ جداً كانَ من ذخائرِ الملوكِ. فانتهبها الغِلمان، وبيعت أوراقاً مُحرقة ظفر الناسُ منها بنفائسَ غريبة ما بين ملاحم وغيرها، وأخذوها بأبخس الأثمان). المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار 3 - 683.
* خزانة الفاطميين بمصر. قال القلقشندي: (كانت من أعظم الخزائن، وأكثرها جمعاً للكتب النفيسة من جميع العلوم. ولم تزل كذلك إلى أن انقرضت دولتهم بموتِ العاضدِ آخر خلفائهم، واستيلاء السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على المملكة بعدهم، فاشترى القاضي الفاضل كتب هذه الخزانة، ووقفها بمدرسةِ الفاضلية بدرب ملوخيا بالقاهرة، فبقيت إلى أن استولت عليها الأيدي فلم يبقَ منها إلاَّ القليل). صبح الأعشى 1 - 467.
< HR SIZE=5>
العراق
العراق بلاد الكتب والمكتبات، والمآسي والنكبات. يقول السيد عبد الحي الكتاني: (أجمعَ الباحثون على أنَّ الذي فُقدَ من كُتب المسلمين أكثرُ بكثيرٍ ممَّا وجدَ أو حُفظَ اسمه. وكانَ أكثر المفقود بسببِ وقعةِ التتر).
* حريقٌ في بغداد سنة 451: يقول ابن الأثير في الكامل 8 - 88 ط دار الكتاب العربي: (في هذه السنة - أي سنة 451 - احترقت بغداد الكرخ وغيره وبين السورين، واحترقت فيه خزانة الكتب التي وقفها أردشير الوزير ونُهبت بعض كتبها وجاءَ عميد الملك الكندي فاختار من الكتب خيرها وكان بها عشرة آلاف مُجلد وأربعمائة من أصناف العلوم منها مائة مصحف بخطوط بني مقلة، وكان العامة قد نهبوا بعضها لمَّا وقعَ الحريقُ).
ويقول ياقوت الحموي: (بَيْنُ السورين اسمٌ لمحلة كبيرة كانت بكرخِ بغداد، وكانت من أحسن محالها وأعمرها، وبها خزانة الكتب التي وقفها الوزير أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاءِ الدولة بن عضد الدولة، ولم يكن في الدنيا أحسنُ كتباً منها، كانت كلها بخطوط الأئمة المعتبرة وأصولهم المحررة، واحترقت فيما أُحرقَ من محالّ الكرخ عند ورود طُغْرُل بك أول ملوك السلجوقية إلى بغداد سنة 447 هـ)، معجم البلدان ص 534 ط دار صادر.
حريقُ البصرة: قال ابنُ الجوزي في حوادثِ سنةِ 483 (وفي جمادى الأولى وردَ البصرةَ رجلٌ كانَ ينظرُ في علومِ النجوم يُقال لهُ: تليا، واستغوى جماعته، وادّعى أنه الإمام المهدي، وأحرقَ البصرة فأُحرقت دار كتبٍ عُملت من قِبلِ عضد الدولة، وهي أولُ دار كتب عُملت في الإسلام) انظر المنتظم في تاريخ الأمم والملوك 16 - 289 ط دار الكتب العلمية 1992م.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية 16 - 116: ( ... وأحرقَ منَ البصرة شيئاً كثيراً، منْ ذلك دارُ كتبٍ وُقفت في الإسلام).
* التتار في بغداد.
قال ابن العماد في كتابه شذرات الذهب 7 - 468 ط ابن كثير في وصف هذه النكبة: (ركب هولاكو في مائتي ألف من التتار والكرج، ثم دخلت التتار بغداد، وبذلوا السيف، واستمر القتل والسبي نحو أربعين يوماً، ولم يسلم إلاَّ من اختفى في بئرٍ أو قناةٍ. ويُقال: إنَّ هولاكو أمرَ بعدِّ القتلى، فبلغوا ألفَ ألفٍ وكسرٌ) بتصرف.
أهميتها
قال القلقشندي في صُبح الأعشى 1 - 466 الطبعة الأميرية: (ويُقال إنَّ أعظم خزائن الكتب في الإسلام ثلاثُ خزائن. إحداها: خِزانة الخلفاء العباسيين ببغداد، فكان فيها من الكتب ما لا يُحصى كثرةً، ولا يُقوّم عليه نفاسةً، ولم تزل على ذلك إلى أن دَهمت التتر بغداد، وقتل ملكهم هولاكو المستعصم آخرَ خلفائهم ببغداد، فذهبت خزانة الكتب فيما ذهب، وذهبت معالمها، وأعفيت آثارها).
وقال الأتابكي في كتابه (النجوم الزاهرة) 7 - 51 ط دار الكتب المصرية 1357هـ (وخربت بغداد الخراب العظيم، وأُحرقت كتب العلم التي كانت بها من سائر العلوم والفنون التي ما كانت في الدنيا، قيل: إنهم بنوا جسراً من الطين والماء عوضاً عن الآجُرّ).
¥