قلت: لا ريب أن كل مسألة انفرد بها، وقطع ببطلان قوله فيها، فإنها هدر، وإنما نحكيها للتعجب، وكل مسألة له عضدها نص، وسبقه إليها صاحب أو تابع، فهي من مسائل الخلاف، فلا تهدر.< o:p>
وفي الجملة، فداود بن علي بصير بالفقه، عالم بالقرآن، حافظ للأثر، رأس في معرفة الخلاف، من أوعية العلم، له ذكاء خارق، وفيه دين متين.< o:p>
وكذلك في فقهاء الظاهرية جماعة لهم علم باهر، وذكاء قوي، فالكمال عزيز، والله الموفق.< o:p>
ونحن: فنحكي قول ابن عباس في المتعة، وفي الصرف، وفي إنكار العول، وقول طائفة من الصحابة في ترك الغسل من الإيلاج، وأشباه ذلك، ولا نجوز لأحد تقليدهم في ذلك.< o:p>
(92)
( ترجمة أحمد بن إسحاق رحمه الله) < o:p>
وعن محمود بن سهل الكاتب قال: كانوا في بعض الحروب يحاصرون مكانًا، ورئيس العدو قاعد على صفة، فرمى السرماري سهمًا، فعرزه في الصفة، فأومأ الرئيس لينزعه، فرماه بسهم آخر خاط يده، فتطاول الكافر لينزعه من يده، فرماه بسهم ثالث في نحره، فانهزم العدو، وكان الفتح.< o:p>
قال الذهبي رحمه الله:< o:p>
قلت: أخبار هذا الغازي تسر قلب المسلم.< o:p>
(93)
( ترجمة أبي إبراهيم الزهري رحمه الله) < o:p>
قال الذهبي رحمه الله:< o:p>
قلت: وإنما احترمه الإمام أحمد لشرفه ونسبه، ولتقواه وفضله، فمن جمع العمل والعلم، فناهيك به! < o:p>
(94)
قال أبو أحمد بن عدي: سمعت علي بن عبد الله الداهري يقول:< o:p>
سألت ابن أبي داود عن حديث الطير، فقال: إن صح حديث الطير فنبوة النبي صلى الله عليه وسلم باطل، لأنه حكى عن حاجب النبي صلى الله عليه وسلم خيانة -يعني أنسًا- وحاجب النبي لا يكون خائنًا.< o:p>
قال الذهبي رحمه الله:< o:p>
قلت: هذه عبارة رديئة، وكلام نحس، بل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حق قطعي، إن صح خبر الطير، وإن لم يصح، وما وجه الارتباط؟ هذا أنس قد خدم النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحتلم، وقبل جريان القلم، فيجوز أن تكون قصة الطائر في تلك المدة.< o:p>
فرضنا أنه كان محتلمًا، ما هو بمعصوم من الخيانة، بل فعل هذه الجناية الخفيفة متأولا، ثم إنه حبس عليًا عن الدخول كما قيل، فكان ماذا؟ والدعوة النبوية قد نفذت واستجيبت، فلو حبسه، أو رده مرات، ما بقي يتصور أن يدخل ويأكل مع المصطفى سواه إلا اللهم إلا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قصد بقوله: (إيتني بأحب خلقك إليك، يأكل معي) عددًا من الخيار، يصدق على مجموعهم أنهم أحب الناس إلى الله، كما يصح< o:p>
قولنا: أحب الخلق إلى الله الصالحون، فيقال: فمن أحبهم إلى الله؟ فنقول: الصديقون والأنبياء.< o:p>
فيقال: فمن أحب الأنبياء كلهم إلى الله؟ فنقول: محمد وإبراهيم وموسى، والخطب في ذلك يسير.< o:p>
وأبو لبابة -مع جلالته- بدت منه خيانة، حيث أشار لبني قريظة إلى حلقه، وتاب الله عليه.< o:p>
وحاطب بدت منه خيانة، فكاتب قريشًا بأمر تخفى به نبي الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوهم، وغفر الله لحاطب مع عظم فعله رضي الله عنه.< o:p>
وحديث الطير -على ضعفه- فله طرق جمة، وقد أفردتها في جزء، ولم يثبت، ولا أنا بالمعتقد بطلانه، وقد أخطأ ابن أبي داود في عبارته وقوله، وله على خطئه أجر واحد، وليس من شرط الثقة أن لا يخطئ ولا يغلط ولا يسهو.< o:p>
والرجل فمن كبار علماء الإسلام، ومن أوثق الحفاظ -رحمه الله تعالى-< o:p>
(95)
قال محمد بن بركة الحلبي: سمعت عثمان بن خرزاذ يقول: يحتاج صاحب الحديث إلى خمس، فإن عدمت واحدة، فهي نقص، يحتاج إلى عقل جيد، ودين وضبط وحذاقة بالصناعة، مع أمانة تعرف منه.< o:p>
قال الذهبي:< o:p>
قلت: الأمانة جزء من الدين، والضبط داخل في الحذق، فالذي يحتاج إليه الحافظ أن يكون تقيًا ذكيًا، نحويًا لغويًا، زكيًا حييًا، سلفيًا، يكفيه أن يكتب بيده مئتي مجلد، ويحصل من الدواوين المعتبرة خمس مئة مجلد، وأن لا يفتر من طلب العلم إلى الممات، بنية خالصة وتواضع، وإلا فلا يتعن.< o:p>
(96)
( ترجمة أبي جعفر الترمذي رحمه الله) < o:p>
ونقل الشيخ محيي الدين النووي: أن أبا جعفر جزم بطهارة شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم.< o:p>
وقد خالف في هذه المسألة جمهور الأصحاب.< o:p>
قال الذهبي رحمه الله:< o:p>
قلت: يتعين على كل مسلم القطع بطهارة ذلك، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه، فرق شعره المطهر على أصحابه، إكرامًا لهم بذلك، فوالهفي على تقبيل شعرة منها.< o:p>
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى .. < o:p>
¥