تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

. " قلت: فيه نظر وركبة البعير في يده ونص أهل اللغة على ذلك وإن أنكر شيخ الإسلام. قال ابن منظور في " لسان العرب " (14/ 236): " وركبة البعير في يده ". وقال الأزهري في " تهذيب اللغة " (10/ 216): " وركبة البعير في يده. وركبتا البعير المفصلان اللذان يليان البطن إذا برك، وأما المفصلان الناتئان من خلف فهما العرقوبان ". وقال ابن سيدة في " المحكم والمحيط الأعظم " (7/ 16): " وكل ذي أربع ركبتاه في يديه، وعرقوباه في رجليه ". وقال ابن حزم في " المحلى " (4/ 129): " وركبتا البعير هي في ذراعيه ". وروى أبو القاسم السرقسبطي في " غريب الحديث " (2/ 70) بسند صحيح عن أبي هريرة أنه قال: "لا يبرك أحد بروك البعير الشارد ". قال الإمام: " هذا في السجود يقول: لا يلزم بنفسه معاً كما تفعل البعير الشارد غير المطمئن المواتر ولكن ينحط مطمئناً يضع يديه ثم ركبتيه ". ذكره شيخنا ـ الألباني ـ في " صفة الصلاة ". يؤيد ذلك كله ما أخرجه البخاري (7/ 239 فتح) وأحمد (4/ 176) والحاكم (3/ 6) والبيهقي في " الدلائل " (2/ 485 ـ 487) في قصة سراقة بن مالك رضي الله عنه قال: " .. وساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين ((ز)). . . " فهذا يؤيد أن الركبة في يد البعير. فلا متعلق لشيخ الإسلام فيه. والحمد لله على التوفيق.

وقال الطحاوي في " المشكل " بعد أن روى حديث أبي هريرة: " فقال قائل: هذا كلام مستحيل، لأنه نهاه إذا سجد أن يبرك كما يبرك البعير. والبعير ينزل يديه، ثم أتبع ذلك بأن قال: ولكن ليضع يديه قبل ركبتيه، فكان ما في هذا الحديث مما نهاه عنه في أوله، قد أمره به في آخره؟!! فتاملنا ما قال ذلك، فوجدناه محالاً، ووجدنا ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستقيماً لا إحالة فيه!!. وذلك أن البعير، ركبتاه في يديه، وكذلك كل ذي أربع من الحيوانات، وبنو آدم بخلاف ذلك، لأن ركبتهم في أرجلهم، لا في أيديهم. فنهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ في هذا الحديث ـ المصلي أن يخر على ركبتيه اللتين في رجليه ولكن يخر في سجوده على خلاف ذلك، فيخر على يديه اللتين ليس فيهما ركبتاه بخلاف ما يخر البعير على يديه اللتين فيهما ركبتاه. فبان بحمد لله ونعمته أن ما في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلام صحيح لا تضاد فيه ولا استحالة. والله نسأله التوفيق " اهـ

. فصل فإن قال قائل: ألا يمكن أن تقوي شواهد حديث وائل بن حُجر ـ وهي كثيرة ـ بعضها بعضاً ويصير الحديث حسناً لغيره كما تفعلون أنتم في أحاديث غير هذا؟!

قلت: ألا ليت! غير أن القواعد التي وضعها أهل الحديث رضي الله عنهم لا تعين على مثل ذلك. فالحديث الضعيف لكي يتقوى لابد أن يكون الضعف غير شديد ـ كما هو الحال في شريك ـ ويكون متابعة أخف منه ضعفاً أو مثله على أقل تقدير أو يكون شاهده قوياً. وهاتان الحالتان مفقودتان هنا أما أولاً فإنه لا متابع لشريك أصلاً، وأما ثانياً فشواهد الحديث بعضها أشد وهنا من الآخر. وقد مر بك التحقيق.

تنبيهات:

الأول: قال ابن الجوزي في " التحقيق " (1/ 346): " والسنة أن يضع ركبتيه قبل يديه إذا سجد. وقال مالك: السنة أن يسبق بيديه وعن أحمد نحوه. ولنا أحاديث. ثم ذكر حديث وائل وأنس. وقال: واحتجوا بأحاديث. . وذكرها ثم قال: " والجواب أن أحاديثنا أشهر في كتب السنة وأثبت! وما ذهبنا إليه أليق بالأدب والخشوع " اهـ.

قلت: وهذا جواب هزيل! بل أوهى من بيت العنكبوت! وقد تعجبت أن يجيب حافظ كابن الجوزي بمثل هذا. وفي قوله هذا أكبر دليل على أنه لم يجد ما يرجح به حديث الركبتين. فتأمل.

ولذا فقد تعقبه الحافظ ابن عبد الهادي في " تنقيح التحقيق " (1/ 348) بقوله: " وليس هذا الجواب بقاطع للخصم، فإن أحاديثهم أيضاً مشتهرة في كتب السنة كشهرة أحاديثكم " اهـ، وصدق يرحمه الله فلو كان حل الاختلاف بين الأحاديث هكذا فلا تجد ما يقنع به المتنازعون. فابن الجوزي يقول: إن النزول بالركبتين أليق بالخشوع وابن العربي يقول في " العارضة " (3/ 68 / 69): وقال علماؤنا: والنزول باليدين أقعد بالتواضع وأرشد إلى الخشية "!

الثاني:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير