************
رُقى
****
كنتُ رضيعاً
إذْ تَنَبَّأتُ بما يأتي بهِ الشبابْ!
كانتْ أصابعي
بحجم أعوادِ الثِقابْ
كانتْ قلائدي
مِسْبَحَةً كرُقيةٍ من والِدي
كنتُ رضيعاً ما لَهُ إلاّ الفراشاتُ نِقابْ
ورَنَّةُ الخلاخيلِ
تَليها رَنَّةُ الخِضابْ!
وخاتَمي مُطَعَّمٌ بالأنجُمِ
وأحْرُفٍ من مُعجَمِ
أرنو اليها خَزَراً
وواحِدٌ من الصعاليكِ أجابْ:
لا تَدَعوهُ وحْدَهُ
فإنَّما مَقْصَدُهُ الكِتابْ
وموعِدٌ مع المنافي والعذابْ!
**************
أبكيك كي تزعل
********
أبكيكَ كي تزعلْ!
وإذا زعلتَ فدمعُكَ الأنبلْ
أبكيكَ كيلا تشتكي
انا أستفزُّكَ حينما أبكيكَ
فِعلي قاتلٌ
أدري به
لكنَّ فعلَ المُشتكى أَقتَلْ
يا انتَ فاستبقي اللآليءَ في ذُراكَ
ونجمُك الأعماقُ
يشهق بالبريقِ
فليس بحراً مُغْرِقاً ما لا يُحلِّقُ في البروجِ
وليس طيراً باشقاً ما لا يموجُ
وحَقِّ هَمِّكَ
ذاك هَمّي
حينما تسألْ
ستكون إذّاكَ الأَرَقَّ
وضحكُكَ الأنقى
والى ضُحاكَ تعود أشعاري ,
بلهيبِها
او ركبِها الساري
وما أبقى!
أنا هكذا قد علَّمَتْني آيةُ الآلامِ
أمَا أنتَ فالوطنُ
واليومَ كيف وكيف يا جَناتُ ,
بعضُ رحيقِها عَدَنُ
إنْ زاركَ الأحبابُ والوَسَنُ؟!
او هذه الغاباتُ قاطبةً
ماذا ترى لو صرتَ أَبْحُرَها
وعلى مياهكَ تلتقي الأسماكُ والفَنَنُ!؟
او جئتَ بالأشياء من شيءٍ ولا شَيِِّ!
او صرتَ مَهوى كلِّ أفئدةٍ
وطوارقِ الأضيافِ
من قيسٍ ومن طَيِِّ!؟
او إنْ رأتكَ
فَحَطََّتِ الركبانُ عند رُباكَ وانحرفتْ
والقصْدُ كان بلوغَ نَيسابورَ والرّيِِّ!
ما نفعُ مزرعةِ الهوى
وثمارُها ليست سوى دوّامةِ الوَعيِ؟
او زاركَ المجنونُ
يسألهُ ذوو الرأيِ؟!
أنا لا أعيذكَ من جنونٍ كالقضاءِ
وإنما
من هجمةِ العُقلاءِ!
حيث الحُبُّ مُحتَرَفُ الجنونِ
ومَصْنَعُ الموتى الكِبارِ ورفْدُهم
والحُبُّ إرثٌ دائمٌ للمَيْتِ لا الحَيِِّ!
أنا كي يُجازَ لي الحديثُ عن اصطبارِكَ ساعةً
لا بدّ لي في البَدء من لَمِّ الشموسِ ونَثْرِها
فوق العراق سعيدةً
بالكَرْمِ والرَيحان والفَيِِّ!
****************
على مَتن القُلوع
********
تولّى كالضبابِ الليلُ
وانعطفَ الصباحُ
اذا بطلعَتِهِ فضاءٌ لا تزالُ تُزينُهُ الأشباحُ!
يا نفسي قِفي دوني
فماذا ترتجين من التغَرُّبِ بين هاويةٍ وأخرى بَعدُ؟
ثقباً في بساطِ السندبادِ؟
طُمُوَّ عَصْفٍ لا يُرى؟
صَرْعاً كأهدابِ الرعودِ على الذُرى؟
خَلَلاً بمركبةِ الفضاءِ؟
فضيحةً في ليلِ أوروبا المُضاءِ؟
هناك لن يبقى من الأمجادِ
إلاّ سيلُ أربِطةٍ على عنُقٍ غليظٍ ,
بَهوُ روليتٍ ينامُ على يوتوبياهُ الدعيُّ
فَيُسْتَزادُ شخيرُهُ أبداً ...
انا المَلاّحُ
مَركبيَ الجراحُ
أموُجُ فوقَ شوارعِ الدنيا
مَجاديفي الضلوعُ
وفوق الجانبينِ ترى هدايايَ التي انتثرتْ
فحازَتْها الجموعُ
ومن أُولى هدايايَ المِدادُ
ولكنْ وهْمُ سكرانَ الحصادُ!
كَوَهمِ الأمسِ
صحراءُ اتَّقَتْ لحناً نسيميَاً
ولاذتْ بالطنينِ
وما ترنَّمَ في الصحارى كلِّها إلاّ الجَرادُ!
وها انا مرّةً أُخرى هنا ألقاهُمُ في البابِ
أعرفُ مُبتغاهم دونما اسطُرْلابَ!
تسبقُهم أساريرُ الحنينِ!
ولكنْ قد أُصافيهم
ومخفورينَ أُرسِلُهم على متن القلوعِ
وربّما طابتْ مشاويراً!
وإنْ شاؤوا
على عكّازِ دولفينِ
الى جُزُرٍ
جواهرُها قد اختزَلَتْ بحارَ الهندِ والصينِ
وعند سواحلِ النِيلَينِ تنتظمُ الخيامُ لأجلهم ,
تمساحُها العربيُّ مضيافٌ
سيفتحُ جوفَهُ لخطاهمُ
ويَدقُّ ذكراهمْ كإسفينِ!
بِنفْسي أنتِ يا نَفْسي
تَعِبتِ من الأسى
في القُربِ والبَينِ!
*****************
مِن ثَدْيَيَّ أُرْضِعُ الوحوش (*)
***************
صَفصافةٌ تُثْمِرُ إجّاصاً ... قصيداتي
زيتونةٌ تسيرُ في الأعراسِ ,
والهلاهلُ الثمارْ
طَلْعٌ يُظَلِّلُ الذاهبَ والآتي
ويَختِنُ الصِّغارْ!
*****
لكي تُجيزَ فِكرةً كالمَعْبَرِ الدقيقْ
بينَ الحقيقةِ الكُبرى وبين العَدَمْ
لكي تكونَ الساحلَ المُبْحِرَ والبحرَ العميقْ
لا بُدَّ أنْ تُصادِقَ الوَهَمْ
*****
تنتصرُ الروحُ , نعم
لكنَّها دون دفاعٍ هكذا دون غطاءْ
إنَّ انتصارَ الروحِ دائماً
لِباسُهُ العراءْ
*****
اذا انتَميتُ فانتمائي لضبابِ الغابةِ الشبيهِ بالهديرْ
لِرَجْعِهِ المُستَديرْ!
يُذْكِرُني بالشُّطوطْ
¥