تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ما هكذا يكتب الشعر]

ـ[خشان خشان]ــــــــ[23 - 03 - 2007, 07:30 ص]ـ

ما هكذا يُكتب الشعر؟

علي بن حسن العبادي

قال أحد الحكماء: «إذا استُعْبدتْ أمة، ففي يدها مفتاح حبسها ما احتفظت بلغتها».

وقال الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي (رحمه الله): «ويطبع الرجل شعره، ويقع إليّ هذا الشعر، فأنظر فإذا هو قد فتّر وقصّر ومرّض، وأكاد أقول: وموّت، وإذا شعر كأنما تتوهم من قراءاته تقطيع ثيابك، إذ تجاذب نفسك لتفر منه فراراً، وإذا أكثر الكلام كأنه لم تنشق به الشفتان، بل خرج غمغمة مصورة، وإذا جملة الأمر في دعوى الشاعر وعمله انه يرتفع إلى أقصى السماوات على جناحي بعوضة».

ومن الشعر الذي قرأته أخيراً، والذي عناه (الرافعي) بقوله: «وإذا أكثر الكلام كأنه لم تنشق به الشفتان، بل خرج غمغمة مصورة، وإذا جملة الأمر في دعوى الشاعر وعمله أنه يرتفع إلى أقصى السماوات على جناحي بعوضة».

ما قرأته من شعر مقرزم، يحسن على قائله ستره، وهو شعر تجرأ ابننا الدكتور الأديب زهير محمد جميل كتبي، فنشره في كتابه (رجال من مكة المكرمة) في الجزء السادس.

وأعرف الابن زهيراً أديباً ألمعياً، ممن عناه الشاعر حين قال:

الألمعي الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمعا

والشاعر الذي أعنيه في مقالتي هذه، والذي عناه (الرافعي) رحمه الله، هو الأديب عاتق غيث البلادي ..

والأخ عاتق غيث البلادي، كتب في التاريخ، وقالوا عنه: مؤرخ مكة المكرمة، وضربوا صفحاً عن مؤرخي مكة المعاصرين ممن قرأنا لهم، كأستاذنا الكبير حسن عبدالله باسلامة، وأستاذنا الكبير محمد طاهر الكردي، وأستاذنا الكبير أحمد السباعي، (رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته).

ولا تثريب على ابننا الدكتور زهير محمد جميل كتبي، إذا ما اطلق على البلادي مؤرخ مكة المكرمة، فكتابة التاريخ مادة مشاعة، يكتبها المتمكن النحرير، والأعرج الكسيح، ولست مؤرخاً حتى أحكم على ما كتبه البلادي في كتبه التي أربت على الثلاثين كتاباً، ولا يضيرني إذا ما أطلقوا على البلادي: نسابة القرن الخامس عشر الهجري ومؤرخه، وعد أصحابه ومحبوه كتبه فتحاً جديداً في التاريخ، فهذا من شأن المحبين. ولكن شيخنا وأستاذنا حمد الجاسر «رحمه الله» شيخ المؤرخين وإمامهم، له رأي صريح في البلادي.

يقول الشيخ حمد الجاسر «رحمه الله» في مجلته (العرب): «انه أي البلادي، يتسرع الحكم تسرعاً يذكرني بقصة مستملي أبي عبيدة، الذي قيل في وصفه: يكتب خلاف ما يسمع، ويقرأ خلاف ما يكتب». انظر: مجلة العرب الجزأين 7 و8 الصادرين في شهري محرم وصفر سنة 1400ه.

وإذا لزمت الصمت عن كتابة التاريخ التي ملأ البلادي كتبه بمادتها، فإني لا استطيع أن أسكت عن شعره، وهو في نظري، وفي نظر علماء اللغة العربية والعروض، شعر شاعر قرزام، كسيح يأتي ماشياً على عكازين، والشعر صعب وطويل سلمه.

استمع إليه وهو يرفع عقيرته بشعر مكسور مهزول، فيقول في كتابه (هديل الحمام):

نُسرّ بذكراك ذكرى الربيع = 3 1 3 2 3 2 3 1

فيا ليت كل الشهور ربيع = 3 2 3 2 3 1 3 ه

فمولدك نور يشع سناً = 3 1 1 3 2 3 1 3

يباركه ذو الجلال البديع = 3 1 3 2 3 2 3 ه

فيكسر البلادي الشطر الأول من البيت الثاني، ويستقيم لو قال:

فمولدك النور شع سناً = 3 1 3 2 3 1 3

يباركه ذو الجلال البديع

ونقطع البيت بشطريه: المكسور والمستقيم، ونكتبه هكذا:

ثم يقول البلادي:

وما زلت تدعو همو للتي = 3 2 3 2 3 2 3

أمرك الإله الحكيم السميع = 1 1 3 3 2 3 2 3 ه

فيكسر الشطر الثاني، ولا يستقيم إلا إذا سكنا الفعل الماضي (أمر) من (أمرك)، فنكتبه: (أمَرْك) بسكون الراء، فنسقط بذلك سيبويه، ونفطويه، وكل من ختم اسمه (ببويه) إكراماً لشاعرنا الكبير عاتق البلادي، أو نقوم بتعديله، إذا لم يغضبه هذا التعديل، فنكتب البيت هكذا:

وما زلت تدعوهمو للتي

دعاك الإله الحكيم السميع = 3 2 3 2 3 2 3 ه

وقصيدة أخينا البلادي هذه من البحر المتقارب، ذي العروض الصحيحة (فعولن = 3 2) مع جواز قبضها [فعولُ =3 1] أو حذفها [فعو =3]، والضرب المقصور (فعولْ = 3ه) بسكون اللام.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير