تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقد أسعدتنا بنثرك البديع وذوقك الرفيع، فمن يقرأ شعرك يحسبك لا تتقن غيره، ومن يقرأ نثرك يحسبه كل بضاعتك، ومن يقرأ تعليقك على بكائية الأشواق للأستاذ النجدي يحسبك عروضيا تجيد النقد ولا تقرض الشعر.

ووالله لقد أخجلني ذوقك وأدبك وكنت أود أن أوافقك فيما قلته، وقبل أن أكمل حديثي معك، ألتفت إلى الأخت أو الابنة الذواقة حفصة والتي خاطبتها بقولي "بُنَيّتي" في شعري، وإذا بها تفخر بأبوتي، وأقول لها: جعلك الله قرة عين لأبويك، وفي المرة القادمة إذا رأيت أباك يشد الحبل فأرخي، ما عندنا إلا طائيٌ واحد فلا تدعيه يفر منا، والسماء لا تمطر شعراء.

ما جعلني مصمما على تسكين نون (فعلن) هو أنني كنت قديما وأنا في المرحلة الثانوية، قرأت صفحتين أو ثلاثا عن العروض، وقد كان المثال الذي استخدمه الكتاب هو هذا البيت:

أرقٌ على أرقٍ ومثلي يأرقُ = وجوىً يزيد وعبرةٌ تترقرقُ

وحين نقطعه يصير

أرقٌ على/أرقٍ ومثْ/ليَ يأرقُو/ = وجوىً يزيـ/ـد وعبرةٌ/تترقرقُو/

وجدت أن وقوفي على ساكن عند نهاية كل جزء يعطي نغمة لطيفة، وصرت من بعدها استطعم الشعر بتقطيعه، حتى إنه كان لي صديق يكتب الشعر ثم يعرضه عليّ، وكنت كثيرا أستخرجُ له الأبيات المكسورة في نظري ودون أن يكون لي معرفة أكثر من تلك الصفحات القليلة التي قرأتها، فيخبرني أنه سأل شعراء وقالوا مثل قولي.

فأنا حين أتنغم بالشعر أحب أن أقف على سواكن، ولست أدري حتى الآن كيف سأفعل مع المنسرح والمقتضب لأن فيهما (مفعولاتُ) وآخرها متحرك، فعلى أي شيء سأرتكز، لا أدري لأنني لم أستذكرهما حتى الآن.

وربما تلاحظ أنني فشلت في معرفة البحر لبكائية الأشواق بسبب ما أصاب (فعولن) من قبض فصارت (فعولُ) فلم أجد لنفسي مرتكزا ساكنا، لا يتحرك فيوقعني بحركته.

أما تغير الخطاب فلاحظته، وأذكر أننا كنا نسميه الالتفات، وإذا استخدم في محله أعطى قيمة بلاغية بديعة، ومع ذلك فلم أغير رأيي لأنني رأيت الأجمل أنها تقتل دون أن تدري أنها تقتل، ولا تعرف عدد قتلاها ولكن الراوي يعرف، ولا تصف نفسها بالطغيان والتجبر إنما هو وصف الراوي، وأن الإنذار الذي يأتي منها ليس إنذارا صريحا (بل أوحت بالطرف أن احذر) فهي تصد طالبها ولكنه لا يأبه ويسعى لحتفه وهلاكه، وأن يكون (يا عاقل أنذرنا فافهم) هو كلام الراوي وليس كلامها، فهو يحذر غيره كي لا يقعوا مثله.

إطراؤك لي قد جرأني على الاستمرار في مخالفتك أستاذي

وأنتظر زيارتك لي في موضوعي وانقد كيف شئت، ستجدني إن شاء الله من الصابرين، والشاكرين.

ـ[الخيزران]ــــــــ[29 - 04 - 2005, 12:48 ص]ـ

قصيدة بديعة حقًا، انسابت كلماتها عذبة رقراقة من عين صافية لا يشوبها كدرٌ يُنغِّصُ على ورَّادها متعة الورود. وأرى أن أستاذة الفصيح وشعراءه ونقَّاده قد تواردوها فلم يبق بعدهم لمتحدِّث حديث، خاصة أني لا أعلم ميزانا للكلام البليغ إلا أن ما أثَّر في النفس منه،فهو بليغ. وقد أثَّر. وغير ذلك أتركه لأهله.

الشاعرُ ساحرٌ يستعين بقوة البيان، ويستطيع بقوة سحره البيانيَّة أن يؤثر في النفوس فيفرق بينها وبين ما خَبُثَ منها، خاصة إذا كان الشعرُ صدى قلبٍ طاهرٍ وغراسُ نفسٍ زكيةٍ طابت بذكر الله وسمت في علياء الإيمان.

أيعلم سليك بن السلكة مثلا أن أبياته التي سأذكرها قد منعت فتاة من الرذيلة؟ فقد قرأت منذ زمن في أغاني الأصفهاني قصة قد غاب عن ذهني موضعها من الكتاب، لكن مجمل القصة أن فتى في المدينة عشق ابنة عم له، فواعدته أن تزوره يومًا، وعندما حضرت قالت له: مَنْ يلهينا. قال: صديق لي. فأرسل إلى صديق له مغنٍ، فكان أول ما غنَّاه:

من الخفرات لم تفضح أخاها=ولم ترفع لوالدها شنارا

فقامت لتنصرف، وحاول جهده أن تبقى، فلم تبق وانصرفت، فأقبل على صديقه يعاتبه، فقال أن ما قاله لم يقصد به الإساءة، وإنما هو شيء اتفق. ولم يلبث أن جاء غلامها ومعه ألف دينار وقال:تقول ابنة عمك: هذا مهري ادفعه إلى أبي. ففعل وتزوجها، وكان فتى فقيرًا.

والبيت من أبيات منها:

يعاف وصال ذات البذل قلبي=وأتبع الممنعة النوارا

ودمتم جميعًا بخير وعافية

ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[29 - 04 - 2005, 02:38 م]ـ

الأستاذ الموقر الطائي:

تحية عتيقة، كهذه العتيقة البديعة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير