2. وقابلهم في هذا الضلال أهل الإرجاء حيث زعموا أنه لا يكفر أحد بذنب مهما كان ذنبه حتى يستحل أو يجحد، وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على فساد هذين المذهبين وعلى ضلال تلك الطائفتين.
*ـ* وأختم بمسألة مهمة وأنبه على أنه ليس كل من شابه المرجئة بقول واحد أصبح مرجئاً، ولا كل من دان برأي من آراء الخوارج صار خارجياً، فلا يحكم على الرجل بالإرجاء المطلق أو أنه من الخوارج حتى تكون أصوله هي أصول المرجئة أو أصول الخوارج.
ـ وقد يقال عن الرجل فيه شيء من الإرجاء في هذه المسألة وذاك فيه شيء من مذاهب الخوارج، وحذار حذار من الظلم والبغي حين الحديث عن الآخرين من العلماء والدعاة والمصلحين وغيرهم، فالعدل في القول والفعل من صفات المؤمنين وهو مما يحبه الله ويأمر به قال تعالى: ?وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا?، وقال تعالى: ?إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان?، وقد اتفق الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم إنسهم وجنهم على حب العدل، واتفق الناس كلهم على بغض الظلم وذمه وبغض أهله وذمهم ومهما كانت منزلة عدوك من الانحراف والضلال فهذا لا يسّوغ لك ظلمه وبهته، فكن من خير الناس للناس ولا تتحدث عن الآخرين إلا بعلم وعدل واجعل قصدك نصرة الحق والنصيحة للآخرين، وقد قال النبي r: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) متفق عليه من حديث أبي هريرة t.
^ السؤال الثاني: ما هي عقيدة السلف في ترك جنس العمل؟
الجواب: إن تارك جنس العمل أي أعمال الجوارح مطلقاً كافر باتفاق المسلمين ولا ينفعه حينئذٍ قوله ولا اعتقاده فإن ذلك لا يصح بدون عمل، وترى هذا مبيناً بطولٍ في الشريعة للآجري والإبانة لابن بطة وكتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية وأوائل المجلد الأول من فتح الباري للحافظ ابن رجب، وليس هذا بلازم لتكفير أصحاب الكبائر كما يقوله أهل الإرجاء فإن السلف متفقون على أن من الأعمال أركاناً للإيمان يكفر تاركها ومنها واجبات لا يكفر تاركها.
ـ وفي فتح الباري لابن رجب قال سفيان بن عيينة: "المرجئة سمّوا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة ركوب المحارم، وليسا سواء، لأن ركوب المحارم متعمداً من غير استحلال معصية وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر هو كفر".
ـ وبيان ذلك في أمر آدم u وإبليس وعلماء اليهود الذين أقرّوا ببعث النبي صلى الله عليه وسلم بلسانهم ولم يعملوا بشرائعه.
ـ ونقل حرب عن إسحاق قال: "غلت المرجئة حتى صار من قولهم إن قوماً يقولون من ترك الصلوات المكتوبات وصوم رمضان والزكاة والحج وعامة الفرائض من غير جحود لها لا نكفره، يُرْجى أمرُه إلى الله بعد، إذ هو مُقر، فهؤلاء الذين لا شك فيهم يعني أنهم مرجئة"، ومن دعاوى أهل الإرجاء أنه لا يكفر أحد بالفعل ما لم يستحل أو يكذب أو يعاند الحق ويبغضه ويستكبر عنه، وهذا قول غلاة الجهمية وهو خلاف الكتاب والسنة والإجماع فإن ساب الرسول r كافرُ بالاتفاق دون اشتراط البغض أو الاستحلال.
ـ وأجمع العلماء على كفر المستهزئ بالدين دون ربط ذلك بالاعتقاد بل يكفر بمجرد الاستهزاء الصريح ولو كان هازلاً أو مازحاً قال تعالى: ?قل أبا الله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم? فمناط الكفر هو مجرد القول.
ـ وكذلك أجمع العلماء على كفر الحاكم المبدل لشرع الله الذي يضع القوانين الوضعية ويجعلها قائمة مقام حكم الله وحكم رسول الله r.
وقد أشار إلى ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله في كتاب البداية والنهاية في ترجمة جنكيز خان، قال رحمه الله: من ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه من فعل هذا كفر بإجماع المسلمين.
وقول ابن عباس في قوله تعالى ?ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون? كفر دون كفر. لا يصح عنه رواه الحاكم في مستدركه من طريق هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس وهشام بن حجير ضعيف الحديث قاله الأئمة يحي بن معين وأحمد بن حنبل والعقيلي وغيرهم وقال الإمام سفيان بن عيينة. لم نكن نأخذ عن هشام بن حجير مالا نجده عند غيره.
والمحفوظ عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال (هي كفر) رواه عبد الرزاق في تفسيره من طريق عبد الله عن طاوس عن أبيه عن ابن عباس وسنده صحيح.
¥