[مقدمات في مسائل الإمامة - فضيلة د. عبدالعزيز آل عبداللطيف]
ـ[الرايه]ــــــــ[12 - 03 - 08, 11:36 م]ـ
مقدمات في مسائل الإمامة
د. عبدالعزيز آل عبداللطيف
الأستاذ المشارك
بجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية
3/ 3/1429هـ
1 - مقصود الولايات أن يكون الدين كله لله تعالى:
إن مقصود جميع الولايات في الإسلام أن يكون الدين كله لله عز وجل، وإصلاح دين الخلق، فالولاة إنما نصبوا من أجل إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد قرر ذلك غير واحد من أهل العلم والتحقيق.
يقول الماوردي: «الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا» (1).
وقال الطيي في شرحه لحديث: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .. »، في هذا الحديث أن الراعي ليس مطلوبا لذاته، وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه المالك فينبغي أن لا يتصرف إلا بما أذن الشارع فيه (2).
وقال القرطبي مبيناً مقصود الإمامة: «والإمامة منصب لدفع العدو وحماية البيضة وسد الخلل واستخراج الحقوق وإقامة الحدود وجباية الأموال لبيت المسلمين وقسمتها على أهلها» (3).
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «فالمقصود الواجب بالولايات إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسراناً مبيناً، ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم» (4).
وقد بسط ابن تيمية الرد على ابن المطهر الحلي الرافضي في دعواه أن الإمامة أهم مطالب الدين وأشرف مسائل المسلمين (5).
وقال ابن القيم - رحمه الله -: «وجميع الولاية الإسلامية مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (6).
2 - شروط الإمام:
أورد العلماء جملة من الشروط التي يشترط توفرها في الإمام، وبينوا أدلتهم على تلك الشروط، وهذه الشروط منها ما هو محل اتفاق، ومنها ما هو نزاع وخلاف، كما أن هذه الشروط معتبرة ومتعينة في حال الاختيار، وقد يتعذر استيفاؤها كما في حال الولاية المتغلب عليها مثلاً (7).
ونظراً لعظم شأن الإمامة وعلو قدرها، فقد كثرت شروطها، وكما يقول القرافي: «وهو دأب صاحب الشرع، متى عظُم أمر شروطه، ألا ترى أن النكاح لما كان أعظم خطراً من البيع اشترط فيه ما لم يشترط في البيع الشهادة والصداق وغير ذلك؟
فكذلك الإمامة لما عظم خطرها اشترط الشارع فيها ما لم يشترطه في غيرها، ولا عز شيء وعلا شرفه إلا عز الوصول إليه» (8).
وسنوجز هذه الشروط، وكما قررها القاضي أبو يعلى بقوله: «وأما أهل الإمامة فيعتبر فيهم أربع شروط:
أحدها: أن يكون قريشاً من الصميم، وقال أحمد في رواية منها: لا يكون من غير قريش خليفة.
الثاني: أن يكون على صفة من يصلح أن يكون قاضياً: من الحرية والبلوغ والعقل والعلم والعدالة.
والثالث: أن يكون قيما بأمر الحرب والسياسة وإقامة الحدود لا تأخذه رأفة في ذلك والذب عن الأمة.
الرابع: أن يكون من أفضلهم في العلم والدين وقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله ألفاظ تقتضي إسقاط اعتبار العدالة والعلم والفضل .. وروى عنه – أيضاً – ما يعارض هذا .. ويمكن أن يحمل كلامه الأول على أنه إذا كان هناك عارض يمنع من نصبه العدل العالم الفاضل وهو أن تكون النفوس قد سكنت إليهم وكلمتهم عليه أجمع، وفي العدول عنهم يكثر الهرج» (9).
واشترط الماوردي والجويني سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان ليصبح معها مباشرة ما يدرك بها (10).
كما اشترط سلامة الأعضاء من نقص يمنع استيفاء الحركة وسرعة النهوض، أما ما لا يؤثر عدمه في رأي ولا عمل من أعمال الإمامة، ولا يؤدي إلى شين ظاهر في المنظر فلا يضر فقده (11).
والمقصود إيراد هذه الشروط بإيجاز، وأما بسطها وما يلحق بها من التفصيل والاختلاف فليس هذا موضعه.
3_ واجبات الإمام وحقوقه:
يتعين على الإمام القيام بحملة من الواجبات والتبعات، فإذا فعل ذلك كان حقاً على المسلمين أن يطيعوه وينصروه.
¥