ثم ذكر كلام الشافعي في سعة لسان العرب ثم قال:
هذا ما قال ولا يخالف فيه أحد فإذا كان الأمر على هذا لزم كل من أراد أن ينظر في الكتاب والسنة أن يتعلم الكلام الذي به أديت وأن لا يحسن ظنه بنفسه قبل الشهادة له من أهل علم العربية بأنه يستحق النظر وأن لا يستقل بنفسه في المسائل المشكلة التي لم يحط بها علمه دون أن يسأل عنها من هو من أهلها فإن ثبت على هذه الوصاة كان ـ إن شاء لله ـ موافقا لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه الكرام.
- بعد بلوغه درجة الاجتهاد يكون الواجب عليه في هذا المقام إجراء الفهم في الشريعة على وزان الاشتراك الجمهوري الذي يسع الأميين كما يسع غيرهم.
فلا يتكلف فيه فوق ما يقدرون عليه بحسب الألفاظ والمعاني. الموافقات 2/ 138وما قبلها.
- كنت قبل مدة أعمل الفكر في تعمق الشافعي في لغة العرب وما يروى عنه أنه أقام في علم العربية وأيام الناس عشرين سنة فقيل له في ذلك فقال ما أردت به إلا الاستعانة على الفقه.
وكنت أتساءل عن سبب تخصيصه هذه المدة الطويلة لتعلم هذا العلم من علوم الآلة وأقارن حاله مع حال طلبة العلم اليوم
فلما فهمت كلام الشاطبي هذا وما ذكره عن الشافعي في الرسالة علمت سر ما كنت أسأل عنه وكنهه
وتعجبت من غفلة عامة الطلبة عن ذلك
- تعبير بعض الأصوليين عن هذا الشرط في كتاب الاجتهاد بقولهم:
" يكفيه منها معرفة ما يتعلق بنصوص الكتاب والسنة"خطأ
لأنه لا يرمي إلى المعنى الذي أراده الشافعي والغزالي والشاطبي
ومن هنا يعلم خطأ من اكتفى في تحقيق هذا الشرط في المجتهد بأن يحفظ مختصرا معينا أو معرفة ما في كتاب معين كأبي محمد ابن حزم مثلا عندما اكتفى في تحقيق هذا الشرط بمعرفة ما في كتاب الجمل للزجاجي فقط كما نقله عنه الزركشي في البحر وكلام ابن حزم في التقريب محتمل
قال الشوكاني إرشاد الفحول 2/ 209: " ومن جعل المقدار المحتاج إليه من هذه الفنون هو معرفة "مختصر من"** ختصراتها، أو كتاب متوسط من المؤلفات الموضوعة فيها، فقد أبعد، بل الاستكثار من الممارسة لها، والتوسع في الاطلاع على مطولاتها مما يزيد المجتهد قوة في البحث، وبصرًا في الاستخراج، وبصيرة في حصول مطلوبه".
- وبذلك يعلم أن أهم علوم الآلات أو الوسائل هو علم العربية
فتقديم بعض الطلبة علم المصطلح وغيره من علوم الآلات عليه من تقديم المهم على الأهم
واهتمام جمهورهم بذلك على حساب التعمق في هذا العلم من باب الاشتغال بالمفضول عن الفاضل والله أعلم
- قول الشاطبي: وبذلك امتاز المتقدمون من علماء العربية على المتأخرين، أي لأنهم أفهم لمقاصد العرب منهم.
فيه فضل علم الصحابة على غيرهم
وفضل علم المتقدمين على المتأخرين وأن ابن مالك مثلا ليس بأعلم من سيبويه والكسائي ونحوهم
وفيه تقديم فهم الصحابي ومن قرب من ذلك العهد للنصوص على فهم غيره
وفيه فضل فقه الشافعي وفهمه لأنه أعلم الأربعة باللغة
- إذا تقرر صحة قول الشاطبي في تعداد كون الشريعة نزلت بلسان الأميين:
"أن تكون التكاليف الاعتقادية والعملية مما يسع الأمي تعقلها، ليسعه الدخول تحت حكمها"
ففيه رد قوي على أهل البدع ممن أوجب النظر في علم الكلام على العوام فإن هذا مما لا يسع الأمي تعقله.
- يحسن بعد أن عرفنا منزلة كتاب سيبويه في هذا المعنى (معرفة مقاصد العرب من خطابها وأنحاء تصرفاتها) من كلام الشاطبي أن يتتبع بعض المجدين ذلك في كتابه وإفراده وضم ما يقف عليه من كلام الشافعي والشاطبي وغيرهما إليه
- مما تقدم يعلم مدى الفوضى الاجتهادية التي نعيشها اليوم وسبب كثرة الفتاوى الشاذة
وتأكيد بطلان تصدر المتعالمين للإفتاء وكثرة دعاوى الاجتهاد
هذا ما عنّ لي حول هذه المسألة
وفي انتظار فوائد وتصحيحات الإخوة والمشايخ
والله أعلم
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[21 - 11 - 08, 03:03 ص]ـ
وتعجبت من غفلة عامة الطلبة عن ذلك
لا تعجب يا شيخنا الفاضل، فكثير من المشايخ الكبار يغفلون عن ذلك، فضلا عن طلبة العلم.
مما تقدم يعلم مدى الفوضى الاجتهادية التي نعيشها اليوم وسبب كثرة الفتاوى الشاذة
وتأكيد بطلان تصدر المتعالمين للإفتاء وكثرة دعاوى الاجتهاد
جزاك الله خيرا وبارك فيك.
وصدق من قال: لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[21 - 11 - 08, 04:23 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم
ذكرتم - حفظكم الله ونفع بكم -وذكر غيركم
(ولا يمكن الوصول إلى هذه الدرجة إلى لمن بلغ رتبة الاجتهاد في هذا العلم
)
انتهى
فالكلام في معنى بلوغ الاجتهاد في اللغة
وهل يشترط للفقيه المجتهد أن يكون من أهل الاجتهاد في اللغة بمعنى أن يكون ممن يقبل قوله
أهل الفن
فهل الجويني وقبله النسائي وقبله أبو حنيفة ممن يقبل قولهم أهل اللغةأو يعتد بخلافهم عند اللغويين
فإن المعنى الحرفي لكلمة بلوغ الاجتهاد في فن من الفنون أن يكون من المبرزين في الفن ممن يعتد بقوله أهل الفن وممن يجتهد في ذلك الفن
بينما المعنى المراد هنا هو غير ذلك بإجماع أهل الأصول وغيرهم
والله أعلم بالصواب
وقولكم - نفع الله بكم ورفع قدركم
(وبذلك يعلم أن أهم علوم الآلات أو الوسائل هو علم العربية
فتقديم بعض الطلبة علم المصطلح وغيره من علوم الآلات عليه من تقديم المهم على الأهم
واهتمام جمهورهم بذلك على حساب التعمق في هذا العلم من باب الاشتغال بالمفضول عن الفاضل والله أعلم)
كل ميسر لما خلق له
¥