9 - أتى على الكل أمر لا مردَّ له ## حتى قضوا، فكأنَّ القومَ ما كانوا
الفعل (أتى) يستحضر لدى المسلم معنى خاصًا بإسناده إلى (أمر) في قوله تعالى: (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) (النحل 1).
وقد جاءت كلمة (أمر) نكرة فأفادت أنه أمر من الأوامر، والأمر الذي لا مردَّ له هو الموت، وقد أتى على الكل.
وتفيد (على) الاستعلاء، ولهذا فإن موضع (الكل) الاستفال.
وأنكر بعض اللغويين دخول (أل) على (كل) كالأصمعي وأبي حاتم، في حين استعمال سيبويه والأخفش والزجاجي وابن المقفع لها بالألف. انظر «الحديث النبوي في النحو العربي» أ. د. محمود فجال (120).
وتقديم (على الكل) على (أمر لا مرد له) يجعل استغراق الفعل للجميع سابقًا للفاعل لفظًا، وقد أفاد هذا التقديم للفعل نوعًا من الإحاطة والشمول استغرق به الأفراد التي تعدى إليها بـ (على).
وجاءت (حتى) وهي حرف يفيد انتهاء الغاية، ومعناها مع الفعل إلى أن قضوا.
وجاء قوله (فكأن القوم ما كانوا) تصويرًا لما ترتب على الأمر الذي أتى على القوم من فناء تام لهم بحيث لم يبق منهم أثر.
10 - تخلفوا عبرًا، وأصبحوا خبرًا ## كما حكى عن خيال الطيف وَسْنَان
ما ذكره الشاعر آنفًا يؤكد أن هؤلاء الذين يمثلون رموزًا للقوة والمَنَعَة حتى أتى عليهم أمر لا مرد له فقضوا فكأن القوم ما كانوا.
فما معنى (تخلفوا)؟
هل بقي منهم بقية من الآثار التي تدل عليهم للعظة وللاعتبار، أي أنهم قد تخلف منهم من قد تخلف عبرًا، وتكون (عبرًا) حال للفاعل واو الجماعة المتصلة بالفعل.
أو يكون (تخلفوا عبرًا) بمعنى تخلف منهم ما تخلف عبرًا، بمعنى لم يبق منهم إلا العبر، ويُقَوِّي ذلك قوله من قبل: (قضوا فكأن القوم ما كانوا)، وقوله بعده: (أصبحوا خبرًا)، بمعنى أنه لم يبق منهم غير الخبر الذي هو للعبرة والذكرى.
وجاء قوله: (كما حكى عن خيال الطيف وسنان) مصورًا المدى الذي وصل إليه زوال هذه الحضارات التي بادتْ، فإن قصتهم تشبه حكاية لحلم رآه راءٍ بين النوم واليقظة.
ـ[أبو يحيى العامري]ــــــــ[13 - 12 - 10, 11:27 م]ـ
فائدة: هذا يسمى في الأدب العربي باسم: رثاء البلدان.
وأكثر ما وقع ذلك في بلاد الأندلس فراجع نفح الطيب للمقري.
ـ[أم ياسر المغتربة]ــــــــ[15 - 12 - 10, 11:34 م]ـ
جزاكم الله خيرا وكتب أجركم