فصل ٌ: في بيان الفرق بين فن التدوين وعلم التاريخ،،،،،
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[21 - 09 - 07, 01:11 ص]ـ
الحمدلله الهادي وأصلي على خير خلقه الأمين، المبعوث بالرحمة والتنزيل، وبعد.
فأن هذه خاطرة ظلت ترواد محبك، و شاردة ما فتأت تشاممه، مبعثها أمر يروادني منذ زمن و فكرة تخالجني منذ أمد، حول الفرق في النظريات من العلم، بين التحليل و التقنين. وهذا باب يرادفه ابواب و يدخل تحته فروع و أصناف من العلوم.
فلازلت أجد في نفسي الفرق البين بين المؤرخ وبين المدون، ويقع في نفسي أن التفريق بينهما له من الثمرات ما يصعب حصره، ومن الفوائد ما يضيق الوقت عن ذكره.
ومن أولها اعتبار الفرق بين قول المؤرخ و رأيه و قول المدون ورأيه، ولنبدأ بذكر الفرق إجمالا بين علم التأريخ وفن التدوين وبناء عليه يتبين الفرق بين المؤرخ والمدون ثم ينعطف على هذا كله التفريق بين الكتب المتخصصه في التدوين والكتب المتخصصة في التأريخ.
مقدمة:
لابد ان نعلم قبل الشروع في بيان الفرق بينهما، معرفة أن بين هذا العلم و ذاك الفن علاقة وطيدة ففن التدوين (ولا أسميه علما تقصدا لعدم كونه كذلك في نظري القاصر) هو مادة علم التأريخ و مصدره عليه تنطبق أدوات المؤرخ وتستخدم، فالعلاقة بينهما ضرورية ومنتجة، فالمدّون هو مادة التأريخ التى يتعامل معها و ينتج منها و يحللها و يخرج منها بقواعده ونتاجه، فالمدّون من الأحداث هو المادة التى يعتمدها المؤرخ ويتعامل معها ويخرج منها بنتيجه علمه. وعليه فالتدوين بعضا من علم التأريخ وجزء من كله.
الفرق بين علم التأريخ وفن التدوين:
فن التدوين متعلق بسرد الأحداث وترتيبها و تبويبها و تصنيفها وكل ما يتعلق بها من تهئية و سرد فكل أنواع ترتيب الأحداث كترتيبها على السننون أو الوقائع او الدول و الممالك او المحال والأقاليم يدخل في فن التدوين فكل من سرد أحداثا و وقائع او رتبها وصنفها وجمعها فهو مدون وليس بالضرورة مؤرخ.
أما علم التأريخ فهو متعلق بكيفية التعامل مع هذه الأحداث و تحليل هذه الأحداث او نقدها و التمييز بين الصحيح منها والسقيم وتقرير قواعد هذا الأمر وكيفيته، و صنع القواعد التى تستفاد من الوقائع التأريخية و أبتكار دول الدهر و تصاريف الزمن، و تمييز هذه القواعد والفوائد التدليل عليها أو نقدها.
فالمؤرخ يحتاج الى أمرو لايحتاجها المدون كقراءة الأحداث قراءة نقدية و تحليلية عبر أدوات معرفية معينة وصناعة الرابط بين الأحداث وأستخدام القواعد العقلية المتعلق بالحس او نقد حدث تأريخي مدون بناء على حدث تأريخي معارض له وأصح منها من جهة النقل أو يؤيده العقل ويدخل في هذا الباب معرفة قواعد النقد التأريخي وطرق نقد الأحداث وتفصيل شي من هذا في هذا الموضوع:
(منهج النقد التأريخي)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=47477&highlight=%CE%E1%CF%E6%E4
فالناقد في علم التأريخ هو (المؤرخ). وليس المدون للأحداث السارد لها بناقد ولا مؤرخ.
وأغلب المصنفات المسماه بالمصنفات التأريخية هي في حقيقة الأمر مدونات تأريخية وليست بمصنفات تأريخية ويدخل في هذا الباب أغلب كتب التأريخ!!
وتجد الفرق احيانا بينا بين كتابة المؤرخ لكتاب تأريخي وبين كتابة المدون له وأنظر الى كتب ابن الأثير و كتب وغيره، وكتبات ابن خلدون التأريخية وكتابات غيره.وقد يعمد المؤرخ الى كتابة مصنف سارد للأحداث و مبين للوقائع غير انه يعمد الى بيان الجانب التحليلي لهذه الوقائع و فبيان
(أسباب السقوط لدولة ما) وتحليل هذا الحدث التأريخي متعلق بالمؤرخ مرتبط بقوته و متانة آلته وبيان أسباب الضعف الأسلامي في العصور المتأخرة على سبيل المثال أيضا مصنف تأريخي تحليلي وليس بمدون.
وللحديث بقية إن شاء الله غير ان أني أنبه الى انه لامشاحة في الاصطلاح و ليس المعنى اللغوي لكلمة تأريخ و مؤرخ بمؤثر على لغة هذا العلم فلايحتج مثلا على الأشتقاق اللغوي لكلمة تأريخ و مؤرخ على انها دليل على تشابه المعنى الاصطلاحي بين وظيفة المدون و وظيفة المؤرخ.
و أيضا لايعنى أن يعمد المدون الى تحليل بعض الأحداث والوقائع والاحتجاج بالقواعد القرآنية مثلا كقوله تعالى وجل: (ان الملوك اذا دخلوا قريةَ أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وكذلك يفعلون) وغيرها = يجعله مؤرخا! فهذا ليس بلازم كما ان العامي قد يحذق بعض قواعد النظريات كعلم الحديث او العمليات كالتطبب ولا يصنف محدثا ولا طبيبا، وأخيرا فهذه خوطر لا اجزم بصحتها و أنما اعرضها بين يدي مشايخي، رغبة في تقويم ما أعوج منها إن كان ثمّ، وتصحيح من خطل منها أو زل.
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[21 - 09 - 07, 01:53 ص]ـ
فتح الله عليكم ... بإذن الله أعيد قراءته بعناية ... شكر الله لكم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 - 09 - 07, 03:23 ص]ـ
بارك الله فيك يا شيخ زياد ...
ولكني أحببت أن تُوسع في التأصيل العام للتفريق بين الناقل المدون الراصد وبين الناقد الدارس المحلل ... وذلك في كل العلوم ... وبيان أهمية التفريق بين الصنفين إذا أراد الإنسان أن يعطي كل عالم وكل كتاب وكل قول =حقه أو ينزله منزلته التي هي له من غير رفع ولا خفض ...
وقد أشرت أنت إلى هذا سريعاً ثم قفزت إلى التمثيل ... والنفس تعشق المثاال والعقل يحبه لأنه ييسر عليه الفهم ..
ولكن -عندي- أن الأفكار العبقرية كثيراً ما يحبسها ويضيق من اتساع رقعتها =المثال
¥