بماذا أجاب الألوسي عندما سُئل عن (الكويت)؟
ـ[شاهين الفودري]ــــــــ[17 - 11 - 07, 08:31 ص]ـ
الكويت قبل مائة سنة
في كتاب " أدب الرسائل بين الألوسي والكرملي ص 132 " رسالة للعلامة الشهير محمود شكري الألوسي فيها وصف دقيق للكويت قبل مائة سنة، والرسالة مؤرخة بالتاريخ النصراني (24 آزار 1904 م) وإنما جاء تأريخها بالافرنجي دون الهجري لأن الذي كان يؤرخ للرسائل هو الكرملي وهو نصراني عراقي وكان معنيا بالأدب واللغة والتاريخ وله مرسلات مع العلامة الألوسي يسأله فيها عن كثير من الإشكالات اللغوية والأدبية وغيرها، فجمع بعض الباحثين العراقيين هذه الرسائل، وهى تحوى علما جما وفوائد كثيرة 0 وقد كان الألوسي ـ رحمه الله ـ إماما في اللغة والأدب مع إمامته في العلوم الشرعية 0
مع أن في بعض رسائله إلي الكرملي مآخذ شرعية من حيث الألفاظ والأسلوب والله يغفر لنا وله0
وقد ذكر المحققان للكتاب الجامعان لهذه الرسائل أن الرسائل التي وقعت لهم للألوسي مجموعها (431) رسالة والرسائل التي وقعت لهم للكرملي (111)، ولهذا السبب وهو فقدان كثير من رسائل الكرملي نجد رسائل فيها إجابات للألوسي من دون أن نقف على السؤال الموجه من الكرملي 0
فيظهر أن الكرملي كان سأل العلامة الألوسي عن (الكويت) ولم تكن فى ذلك لوقت ـ قبل مائة سنة ـ مشهورة شهرتها الان0 فأجابه الألوسي بالرسالة التالية: الكويت قرية على ساحل خليج العرب عند (في الأصل عن!) الفاو، وهو ثغر البصرة، اثنتا عشرة ساعة بسير السفن الشراعية سيرا وسطا، وهى من أعمال البصرة (هذا لما كانت الكويت والعراق تابعتين للدولة العثمانية)، يرأسها شيخ ينصب من قبل الدولة ـ وهى رديئة الهواء قليلة المياه العذبة ـ وفيها من البيوت نحو ألفي دار، مبنية بالطين والقصب فى الأغلب، وكثير من دورها على طبقة واحدة، ومنها ما هو على طبقتين، ودورها على نهج دور البصرة فى الوضع 0 وكانت منازل سكنتها قبل نحو خمسين سنة الأخبية، ولم تزل تتوسع عمارتها0 وفيها أربعة عشر مسجدا تقام فيها الصلوات 0
وفي سنة خمس عشرة وثلاثمائة وألف (هجريا)، اختط فيها رئيس القرية مسجدا واسعا، وأقامه على أحسن وضع وأرصن بناء 0 وفيها خان وسوق تشتمل على مايزيد على خمسمائة حانوت 0
وطرقها غير منتظمة، وشوارعها ليست بمستقيمة 0 وسكنتها مع الغرباء الذين فيها قد يبلغون أحيانا عشرين ألفا، وهم كلهم من العرب من قبائل شتى، وكلهم مسلمون على مذهب أهل السنة، وليس لهم رغبة في العلم إلا ما يعرفون به ما كلفوا به من الدين 0 وليس قرب القرية بساتين ولا نخيل ولا زرع 0 وأكثر أهلها يعملون في البحر ملاحين في السفن، وفيهم التجار 0 وتجارتهم في البضائع الهندية وصيد اللؤلؤ 0 ويقال: إن السفن التي تسير منها فى السنة إلي بر فارس والسند والهند وغيرها نحو ألفي سفينة، ومحلها مهم، وهي مستعدة لأن تكون من أعظم البنادر 0 ورئيس هذه القرية يعشر ما يمر به من السفن 0 انتهت الرسالة0
وفي الحاشية علق المحققان بقولهما: هذا ما وصف به الألوسي الكويت، في اوائل القرن العشرين 0 أما اليوم وبعد أن أضحت عاصمة إمارة الكويت، فهي مدينة عامرة جليلة الشأن، ذات أبنية شاهقة وعمارات عظيمة، وشوارع وطرق حديثة، وهى في تطورها وتقدمها غنية عن التعريف0
قلت حفظ الله الكويت، وأدام عليها نعمة الأمن والرخاء 0
والحمد لله رب العالمين
وكتبه / أبومالك عبد الحميد الجهني
الأحد 10شوال 1428هـ
============
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[17 - 11 - 07, 01:21 م]ـ
تعقيب:
قال الألوسي رحمه الله: وليس لهم رغبة في العلم إلا ما يعرفون به ما كلفوا به من الدين
قلت: بل كانت الرغبة -في ذلك الزمان حين كتابة هذه الورقة- موجودة ومنتشرة بين جميع الناس بطبقاتهم:
فكانت مجالس الشيخ العلامة عبدالله الخلف الدحيان عامرة بطلاب العلم لا سيما الحنابلة، وكان يرتاد مجلسه كثير من عامة أهل الكويت للسؤال والإستفسار عن أمور دينهم، وكان قبله شيخه: الشيخ محمد بن فارس الحنبلي الذي كان له تقدير كبير عند الكويتيين جميعهم حتى أميرهم مبارك الصباح (مبارك الكبير).
بل وكان الكثير من أهل الكويت يذهب لطلب العلم إلى الزبير والأحساء والمدينة، وهذا الشيخ عبدالعزيز الرشيد البداح ألف رسائل كثيرة منها رسائل في الولاء والبراء، وقد عرض عليه لما جاور في المدينة منصب إمام الحنابلة لكنه رفض ذلك.
وكان أهل الكويت يستقدمون ويضيفون –كعادتهم في الكرم والإحسان- الكثير من أهل العلم في ذلك الزمان ومن أبرزهم الشيخ محمد الأمين الشنقيطي شيخ ابن سعدي، بل لما أراد به الشيخ مبارك الشر ومن بعده الشيخ سالم المبارك فزع له أهل الكويت وهربوه إلى خارجها.
وكذلك كانوا يستضيفون الشيخ العلامة عبدالعزيز العلجي الأحسائي كل سنة يأتي ضيفا على أهل الكويت لعمل المواعظ والدروس الدينية، وكذلك استضافوا الثعالبي التونسي وأتوا بشيوخ من الأزهر .. إلى آخر ذلك من الأشياء التي كانت في ذلك الزمان الذي تكلم عنه الألوسي رحمه الله.
والشيخ مساعد العازمي الذي تخرج من الأزهر ونفع أهل الكويت وغيرها نفعا عظيما ظاهرا.
ولا تنس أنهم نفر قليلون ولكنهم استضافوا كل هؤلاء وساندوهم في الدعوة وفعلوا أكثر مما فعله غيرهم ممن هم أكثر قبيلا وناديا.
والكويت منذ أن صارت وأهلها أهل كرم وإحسان وخير.
نسأل الله أن يحفظها وسائر بلاد المسلمين، ورحم الله الشيخ الألوسي رحمة واسعة.
¥