تقول الرؤيا الأخيرة: إن دانيال رأى أنه صعد من البحر المحيط أربعة حيوانات عظيمة مختلفة: الأول كالأسد وله جناحا نسر ... والثاني كالدب وفي فمه ثلاثة أضلع، والثالث مثل النمر وله أربعة أجنحة وأربعة رؤوس، والرابع حيوان هائل قوي له أسنان من حديد أكل وداس بقية الحيوانات برجليه، وله عشرة قرون طلع بينها قرن صغير قلعت من قدامه ثلاثة قرون، وظهر لهذا القرن الصغير عيون وفم إنسان فتكلم بإلحاد وكفر، ثم تكون نهاية القرن الصغير هي الهلاك على يد قديم الأيام ذي العرش الذي تخدمه الألوف المؤلفة؟؟!!
وبقيت الحيوانات الأخرى حية لكن نزع عنهم سلطانهم.
(الإصحاح السابع)
وقد فسرت الرواية نفسها الحيوان الرابع بأنه (مملكة رابعة على الأرض مخالفة لسائر الممالك تأكل الأرض كلها وتدوسها، والقرون العشرة من المملكة هي عشرة ملوك يقومون ويقوم بعدهم آخر وهو مخالف الأولين ويذل ثلاثة ملوك ويتكلم بكلامٍ ضد العليّ)).
وأخيراً يبيد ملكه على يد "قديسي العليّ" الذين تؤكد هذه الرؤيا مراراً أن العاقبة لهم وأنهم يمتلكون المملكة التي لا تزول!!
ربما لأن للحيوان الرابع أسناناً من حديد والمملكة الرابعة تكون من حديد قالوا إن المملكة الرابعة هي الحيوان الرابع لاسيما -وكل منهما هو "الرابع" لما سبقه- وقالوا إن هذه المملكة رمز لأوربا التي سيكون فيها عشر دول قومية يخضع لها العالم قبل نزول المسيح!!.
وعليه تكون المملكة الخامسة هي الألفية السعيدة عند نزول المسيح.
ومن السهل إبطال هذا الرأي من وجوه كثيرة:-
1 - أن يقال ما تعبير الحيوانات الثلاثة الأخرى إذن؟ مع أنهم مهما فسروها فلا يصح أي تعبير يناقض ما فسره دانيال نفسه، فكيف تظل الثلاثة الممالك في التمثال هي الممالك القديمة والرابعة هي أوربا الحديثة، إنها مفارقة واضحة، المنطق السليم يفرض إما أن نحمل الرؤيا على الرؤيا كلياً وإما نجعلهما منفصلتين كلياً وهو الصحيح !!.
2 - الحيوانات طلعت متجاورة وغلبها الرابع دفعة واحدة. أما الممالك في الرؤيا الأولى فمتتابعة متوالية كل منها غلب ما قبله.
3 - الحيوانات الأربعة طلعت من البحر المحيط والممالك الأربع قامت في الشرق والخامسة (الإسلامية) قامت في المنطقة نفسها ثم امتدت شرقاً وغرباً حتى وصلت في أيام المغول والترك إلى شمال أوربا وسيطرت على شرقها كله.
4 - الحيوانات الثلاثة تسلط عليها الرابع لكنها بقيت حية أما الممالك الثلاث فقد اندثرت مطلقاً.
5 - تعبيرهم الرؤيا الأخيرة باطل في نفسه فإنها ذكرت حيواناً له عشرة قرون وفسرتها بأنه مملكة لها عشرة ملوك فتفسيرهم بأنها عشر ممالك متجاورة باطل.
وهكذا فالقول بأن هذه الممالك العشر هي التحالف الأوربي أيام نابليون كما ذكر (بيتز ص 251) أو الاتحاد الأوربي الحالي كما يزعم المعاصرون لا يصح تعبيراً ولا واقعاً، فهو يناقض كلا الرؤيتين ويخالف الواقع، فأمريكا وحدها اليوم أقوى من الاتحاد الأوربي كله والاتحاد الأوربي،لم يعد عشر دول بل زاد كثيراً.
ونحن لا نريد أن نخوض في تعبير الرؤيا لكن في إمكاننا أن نقول: إن الحيوانات الأربع التي طلعت من وراء المحيط هي الإمبراطورية البريطانية "الأسد" وروسيا الشيوعية "الدب".
أما الثالث: شبيه النمر ذو الرؤوس الأربعة و الأجنحة الأربعة فقد يكون الدول الكاثوليكية الاستعمارية الأربع " فرنسا وإيطاليا وأسبانيا والبرتغال " أو تحالف دول آسيا المسماة النمور وهي ثمان!!
وبالطبع سيكون الحيوان الرابع الذي أكلها وداسها هو الولايات المتحدة الأمريكية (أو حلف الناتو عموماً)، أما القديسون الذين سيدوسون أمريكا فلا يحتاجون إلى تفسير بل إلى الانتظار.
ونقول للأصوليين:
إن أعجبكم هذا التعبير فخذوه واستريحوا، وإن رددتموه وقلتم: ظنٌّ وتخمينٌ. قلنا: نعم ولكن أي الظنين أولى؟ ولماذا ظنكم أنتم يقين وظننا نحن وهم!!
أما اليقين بهذا الشأن فهو أمران:-
1 - أن الروم ذات قرون كما أخبر النبي e: (( فارس نطحة أو نطحتان ثم يفتحها الله ولكن الروم ذات القرون كلما هلك قرن قام قرن آخر)) ([4]).
¥