6 - قال أحد الباحثين: هذا الحرق فيه تجاوز شرعي، لا يقدم عليه رجل في تقوى وورع طارق بن زياد، وما كان العلماء وقادة الجيش ليسكتوا لو فرضْنا وقوع ذلك، كما في الرواية تهوين لقوة وعزيمة الفاتحين، حيث تُصوِّر فقدان العزيمة على الجهاد، والهروب من الموت كان المُجبر على البسالة في القتال والانتصار؛ أي: هم طالبو دنيا.
هذا قد يفهم من عقلية أهل الدنيا والغزاة المحتلين كالأوربيين؛ لذا قاسوا ما في أنفسهم على المسلمين المجاهدين الطامحين في الشهادة، فنقبوا في التاريخ ليتلقفوا تلك الرواية في غزو الفرس لليمن قبل الإسلام، ثم لفقوها لفاتح الأندلس بأنه أرغم جنوده على القتال، وإلا لفرَّ الكل وتركوه وحيدًا.
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[20 - 09 - 10, 03:00 ص]ـ
للفائدة
هل أحرق طارق بن زياد سفنه؟ ( http://www.alukah.net/Culture/0/6909/)
الكاتب/بليل عبدالكريم
قام قائد الجيش الفاتح للأندلس في معركة وادي "برباط" أو "لُكَّة" بحرْق السفن، وقال للجيش البالغ تعداده "12" ألفًا، غالبه رجّالة، والفرسان قلّة: "البحرُ من ورائكم، والعدوُّ من أمامكم، فأين المفرُّ؟! "
يزعمون أنه فعل ذلك؛ لإرغام الجند على القتال أمام عدو قُدِّر بِـ"100" ألف من الفرسان.
هكذا رُويت القصة؛ لكن أكثر علماء التاريخ الموثوقين لم يوردوا هذه القصة، برغم انتشارها على يد الأدباء والمفكرين غير المحققين لما يرْوُون.
دراسة القصة:
من الناحية العلمية: هذه القصة لا تصح؛ بل لا يسلم اعتمادها؛ لفقدانها لشروط التوثيق التاريخية العلمية، فهي تسقط علميًّا.
المسلمون امتازوا بعلم "الإسناد" في الرواية، وهو ما حفظ وحافظ على الصحيح، وميَّزه عن الضعيف والمدخول من الروايات، كما أسسوا علم "الجرح والتعديل"، وعلم "الرجال"، وعلم "العلل"، كلها لضبط المرويات في الحديث النبوي، أو الآثار عن الصحابة، أو أقوال الأئمة والعلماء، والتاريخ والتدوين.
هذه الرواية إذا أخضعناها للتمحيص العلمي، نجدها فاقدة للمعايير العلمية؛ بل التحقيق يثبت ضعفها، وأنها أُدخلتْ في تاريخ المسلمين إدخالاً؛ فلا وجود لها عند كل العلماء المؤرخين للأندلس ممن عاش تلك الحقبة، أو من تلاهم من علماء الأندلس، فلا حَسيس لها ولا رِكْز، فهم لم يعلموا بها، ولم يجدوا لها كلامًا في زمانهم؛ أي: لم يتداولها أحد، لا في مقام الإشاعات ولا القصص، لا كذبًا ولا صدقًا.
غير أن من نشرها لم يكن من زمان الأندلس؛ بل من العصر الحديث، وهم المستشرقون، وذاك لحاجة في أنفسهم، ثم نقلها ونشرها أذنابُهم، وتلقَّفها من لا علم له بالتاريخ ولا بالتحقيق؛ بل هو كحاطب ليل بَهَته الذي كفر، فآمن بكل ما ورد عن الأوربيين، معتقدًا وموقنًا بالعصمة، والعلمية، والموضوعية! ثم مرَّت على أقوام أفاضل نَقصهم التحقيقُ العلمي، فقبلوها مع حسن نية، وتكَلفوا لها تفسيرات لتجميل الرواية.
من ناحية التخطيط العسكري: هي خطأ كبير، ومغامرة ليس وقتها، ومقامرة في أرض عدو؛ لأسباب هي:
1 - لم يثب قط أن قائد المعركة - وهو طارق - استشار قائدَه الأعلى منه، وهو موسى بن نصير، فلا مراسلات أثبتت، لا عند المسلمين، ولا حتى الأوربيين. هذه وحدها مخالفة عسكرية، ليس طارق ممن يقع فيها.
2 - الجيش قد يخسر المعركة، وهذا وارد؛ لقِلَّته والفارق بينه وبين عدوِّه، والأرض ليست أرضه، والخسارة قد تقع، فأين المفر؟! وأين مجال إعادة الترتيب إن هُزم ولم يُدمَّر؟! وكيف يطلب التعزيزات؟! بكل المعايير الإستراتيجية هذا انتحار، فأقوى الجيوش يجعل قادتُها مخارجَ للانسحاب كخطة، أو تفاديًا للتدمير الكلي.
3 - المسلمون الفاتحون ليسوا بحاجة إلى تحفيزٍ من هذا النوع (الإكراه) على القتال؛ ففيه تلويث للنية، وتحويل للإخلاص والجهاد لوجه الله، إلى القتال فرارًا من الموت المحتم، مما يدل على خلل في الفهم لدى الأوربيين حول عقيدة الفاتحين المسلمين.
4 - بعد حرق السفن، كيف يكون طريق الرجعة لو هزم الجيش؟
5 - غالب السفن ليست للمسلمين؛ بل استعاروها من حاكم (سبتة)، فهي أمانة يجب أن تعاد لصاحبها.
6 - قال أحد الباحثين: هذا الحرق فيه تجاوز شرعي، لا يقدم عليه رجل في تقوى وورع طارق بن زياد، وما كان العلماء وقادة الجيش ليسكتوا لو فرضْنا وقوع ذلك، كما في الرواية تهوين لقوة وعزيمة الفاتحين، حيث تُصوِّر فقدان العزيمة على الجهاد، والهروب من الموت كان المُجبر على البسالة في القتال والانتصار؛ أي: هم طالبو دنيا.
هذا قد يفهم من عقلية أهل الدنيا والغزاة المحتلين كالأوربيين؛ لذا قاسوا ما في أنفسهم على المسلمين المجاهدين الطامحين في الشهادة، فنقبوا في التاريخ ليتلقفوا تلك الرواية في غزو الفرس لليمن قبل الإسلام، ثم لفقوها لفاتح الأندلس بأنه أرغم جنوده على القتال، وإلا لفرَّ الكل وتركوه وحيدًا.
http://www.alukah.net/Culture/0/6909/
¥