ج) فسر صفة الراوي وما هو المراد بها، بشكل أوضح مما فسره ابن الصلاح والنووي؛ حيث قال: ((وصفة الراوي: إما قول أو فعل أو غير ذلك ... ))، ثم ضرب أمثلة على كل نوع.
د) حذف أمثلة ذكرها ابن الصلاح أو النووي؛ لعدم سلامتها من اعتراض أو ضعف، وهذا يدل على أنه لم يمشِ حذو القذة بالقذة!!
كل هذه الفروق في مبحث لا يتجاوز الثمانية أسطر، نرى ابن جماعة لا يردد أو يكرر ما ذكره النووي أو حتى ابن الصلاح، بل يزيد ويحذف، فما ظنك ببقية الكتاب؟
وسأذكر -على عجل- بعض الفروق والمميزات لكتاب ابن جماعة على كتاب النووي، وهي:
أولًا: رتب الإمام ابن جماعة كتابه بطريقة لم يسبقه بها أحد، حيث قسم كتابه إلى مقدمة وأربعة أطراف:
فذكر في المقدمة: بيان مصطلحات يحتاج إلى معرفتها المحدث.
والطرف الأول: في الكلام على المتن وأقسامه وأنواعه.
والطرف الثاني: في الكلام في السند وما يتعلق به وأنواعه.
والطرف الثالث: في كيفية تحمل الحديث وطرقه وكتابته وضبطه وروايته وآداب طالبه وراويه.
والطرف الرابع: في أسماء الرجال وما يتصل به وأنواعه.
ثم ذكر تحت كل طرف ما يخصه وضم الشبيه إلى شبيهه، والنظير إلى نظيره، وقدم ما حقه التقديم، وأخر ما كان حقه التأخير، بخلاف النووي -رحمه الله- الذي لم يغير في ترتيب ابن الصلاح شيئًا، بل اختصره على ما هو عليه، وهذا أكبر دليل على أنه لم يقلد النووي فيما فعله!
فجاء كتاب ابن جماعة أوضح في فهم الأنواع والمباحث؛ لأنها متصلة ببعضها ومتتابعة في الترتيب.
ثانيًا: زياداته على ابن الصلاح أو النووي في الأمثلة -وهي كثيرة جدًّا-، أو زياداته في التعاريف أو فروع أو توضيحات لمبهم الكلام، أو أنواع لم تذكر، ومنها:
- زاد في ((المتصل)) قيدًا مهمًّا في التعريف بقوله: ((ومن يرى الرواية بالإجازة يزيد (أو إجازته) سواء أكان مرفوعًا إلى النبي (ص) أم موقوفًا على غيره)). وهذه الزيادة في التقييد لم يذكرها ابن الصلاح ولا النووي.
- زاد فرعًا خامسًا في مبحث ((الموقوف))، لم يذكره ابن الصلاح ولا النووي.
- زاد في مبحث ((المقطوع أو المنقطع)) قوله: ((وكلاهما ضعيف ليس بحجة))، ولم يذكر النووي ذلك.
- زاد قيدًا مهمًّا في مبحث ((المرسل)) عند قول المصنف: (( ... والأصوليين: أنه متصل))، قال ابن جماعة: ((إذا أمكن لقاؤهما مع برائتهما من التدليس))، وهذه الزيادة في التفسير أدق وأوضح مما فعله النووي؛ حيث أطلق الكلام بلا تقييد، وانظر ما قاله عبد الباري في حاشية [الإرشاد (1/ 186)].
- ميز نوع ((المعنعن)) وفصله عن غيره، ولم يفعله النووي، بل أدرجه ضمن الفروع، كما ذكره السيوطي في [التدريب (1/ 342)].
- أفرد نوع ((المعلق)) لوحده بخلاف ابن الصلاح والنووي؛ حيث أدرجوه ضمن الكلام على ((الصحيح))، وقد أثنى على فعل ابن جماعة السيوطي، في [التدريب (1/ 347)]، وأنه أحسن في فعله ذلك.
- زاد أنواعًا من أصناف الوضاعين، لم يذكرهم ابن الصلاح ولا النووي في مبحث ((الموضوع)).
- زاد أمثلةً كثيرةً في كتابه على ما ذكره ابن الصلاح أو النووي، ومنها: حديث بريرة في مبحث ((المشهور)). ومثال للنوع الرابع من أقسام العلو: بالسند إلى الشافعي. وأمثلة على الشواهد في مبحث ((المتابعات والشواهد)). أمثلة في مبحث ((المدبج ورواية الأقران)) لا توجد عند النووي ولا ابن الصلاح، قصة الدارقطني في النسخ، زيادة أسماء في ((المتفق والمفترق)) و ((المؤتلف والمختلف)) لا توجد عند النووي. وغيرها كثير، يصعب حصرها.
- زاد مبحث ((فقه غريب الحديث))، وهذا المبحث لم يذكره ابن الصلاح ولا النووي.
- زاد ألفاظًا في مراتب التعديل -المرتبة الثالثة- لم يذكرها ابن الصلاح ولا النووي.
- زاد فرعًا كاملًا لا يوجد عند ابن الصلاح ولا النووي، وهو قوله (ص101): ((ولا بأس بكتابة الحواشي ... )).
- زاد النوع الرابع في مبحث ((المتفق والمفترق))، ولم يذكره أحد غيره، فقد استخرجه من بين الأنواع وميزه.
ثالثًا: اجتهد في الترتيب للمباحث والأنواع والتقاسيم، بحيث يسهل على طالب العلم الاستفادة من هذا المختصر، بخلاف النووي الذي تقيد بكتاب ابن الصلاح، واختصره على ما هو عليه- ومنها:
¥