واليوم أنقل عن الشيخ نقلاً نفيساً .. درة من الدرر هو .. ولعله يُنشر على المنتديات للمرة الأولى .. وله تعلق بما نحن فيه ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((فهذا موضع يجب النظر والعمل فيه بالحق = فإن كثيراً من أهل العلم والدين والزهد والورع والإمارة والسياسة والعامة وغيرهم، [يوجد] إما في نظرائهم أو غير نظرائهم من نوع الظلم والسيئات، إما بدعة، وإما فجور، وإما مركب منهما = فأخذوا يُعاقبونهم بغير القسط، إما في أعراضهم، وإما في حقوقهم، وإما في دمائهم وأموالهم، وإما في غير ذلك، مثل أن ينكروا لهم حقاً واجباً، أو يعتدوا عليهم بفعل محرم، مع أن الفاعلين لذلك (أي البغي على المبتدعة والمخطئين) متأولون، معتقدون أن عملهم هذا عمل صالح، وأنهم مثابون على ذلك، ويتعلقون بباب قتال أهل العدل والبغي، وهم الخارجون بتأويل سائغ، فقد تكون الطائفتان جميعاً باغيتين بتأويل أو بغير تأويل،فتدبر هذا الموضع ففيه يدخل جمهور الفتن الواقعة بين الأمة، كما قال تعالى: {وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم؟} فأخبر أن التفرق بينهم كان بغياً، والبغي: الظلم.
وهكذا التفرق الموجود في هذه الأمة، مثل الفتن الواقعة بينها في المذاهب والاعتقادات والطرائق والعبادات والممالك والسياسات والأموال، فإنما تفرقوا بغياً بينهم من بعد ماجاءهم العلم بغياً بينهم، والباغي قد يكون متأولاً وقد لا يكون متأولاً، فأهل الصلاح منهم هم المتأولون في بغيهم،وذلك يوجب عذرهم لا اتباعهم.
فتدبر العدل والبغي، واعلم أن عامة الفساد من جهة البغي، ولو كان كل باغٍ يعلم أنه باغٍ إذاً لهانت القضية، بل كثير منهم أو أكثرهم لا يعلمون أنهم بغاة، بل يعتقدون أن العدل منهم، أو يعرضون عن تصور بغيهم، ولولا هذا لم تكن البغاة متأولين، بل كانوا ظلمة ظلماً صريحاً، وهم البغاة الذين لا تأويل معهم. وهذا القدر من البغي بتأويل وأحياناً بغير تأويل،يقع فيه الأكابر من أهل العلم،ومن أهل الدين؛ فإنهم ليسوا أفضل من السابقين الأولين.
والفتن التي يقع فيها التهاجر والتباغض والتطاعن والتلاعن ونحو ذلك هي فتن، وإن لم تبلغ السيف، وكل ذلك تفرق بغياً، فعليك بالعدل والاعتدال والاقتصاد في جميع الأمور، ومتابعة الكتاب والسنة، ورد ما تنازعت فيه الأمة إلى الله والرسول، وإن كان المتنازعون أهل فضائل عظيمة ومقامات كريمة، والله يوفقنا لما يحبه ويرضاه، ولا حول ولاقوة إلا بالله)).
ـ[ذو المعالي]ــــــــ[16 - 02 - 09, 03:04 م]ـ
والذي عقلتُه عن أئمة الهدى = أن اختلاف الرأي لا ينبغي أن يؤدي إلى التفرق ونقض ائتلاف القلب الثابت بعقد الإسلام ..
وعقلتُ أيضاً = أن من أسباب تحول اختلاف الرأي إلى تفرق مذموم = الإعراض عن البينة بعد ظهورها كما وقع من بعض المردود عليهم من المؤلف ..
وعقلتُ أيضاً = أن من أسباب تحول اختلاف الرأي إلى تفرق مذموم = بغي بعض المختلفين على بعض كما وقع من المؤلف ..
ولقد رأيتُ إخواننا السلفيين يقظين منتبهين لأخطاء المردود عليهم ..
غافلين متغافلين عن بغي المؤلف وظلمه ..
لكن الذي لا عذر فيه عندي-إلا لماماً-أن يجاوز الناقد في نقده العلم والعدل وأصل الحلم ..
والسلام ..
أبا فهر، أعجبتني تلك التي عقلتها، لذا اخترتُها اقتباساً.
و لِتعرفَ أيضاً ما كنتُ أقصد في (الاشتقاقات الغريبية) من أنَّ كثيراً ينتقدُ في غيابٍ عن جوهر العلمِ وحضورٍ لنصرةِ الرأي، حتى لا تنتكسَ الراية أو يُذاد عن الغاية.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[16 - 02 - 09, 05:30 م]ـ
بوركتَ ... ورفع الله قدرك ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[16 - 02 - 09, 10:14 م]ـ
الوقفة الخامسة
وهذا من المواطن العجيبة ..
الشيخ الجديع أخذ يستدل على أن حلق اللحية ليس حراماً -وقوله باطل- بوصف الأئمة لفعل الحلق بأنه مكروه ..
والمؤلف يتتبعه بحمل هذه الكراهة على أنها التحريمية ..
حتى استدل الجديع بعبارة لابن الملقن وكان بناء استدلاله كالتالي (والعهدة في سياق النقولات عليه وأظنه أمين لأن المؤلف لم يتتبعه في ذلك هنا)
نقل ابن الملقن قول الحليمي: ((لا يحل لأحد أن يحلق لحيته؛ فإنه هجنة وشهرة وتشبه بالنساء، فهو كجب الذكر)).
ثم عقب ابن الملقن فقال: ((وما ذكره في اللحية حسن، وإن كان المعروف في المذهب الكراهة)).
ففهم الجديع من الكراهة أنها التنزيهية ..
فجاء المؤلف واتهم الجديع بالجهل القبيح والتسبب في تضليل المسلمين .. (لابد من بعض البغي)
وحمل الكراهة هنا على التحريمية أيضاً ..
قلت لنفسي: لابأس لعل لديه قرينة قوية.
فما وجدتُ ثَمَ إلا أنه راح ينقل عبارات لابن الملقن في مواضع أُخرى استعمل فيها الكراهة في التحريم ..
وهذا عجيب جداً ..
فمالم يجد جديد = فَفَهم الجديع صحيح .. وابن الملقن أراد كراهة التنزيه بدلالة أنه يُعقب على قول الحليمي بالتحريم ويستدرك عليه .. وتلك قرينة قوية لم أجد ما يدفعها.
¥