وقال الجويني: ((ومما يجب أن تحيط علما به أن تعلم أنا إنما نقصد بالكلام ما لم نعلم خصوصه اضطراراً لقرائن الأحوال. فإن علم بها إرادة مطلق الجواب بخصوص فهو على ما علم، وذلك نحو أن تقول لمخاطبك: كلم زيداً أو: كل الطعام، فيقول في جوابك: والله لا تكلمت ولا أكلت، فربما يعلم بقرينة الحال أنه لا يريد نفي الأكل جملة، ولا نفي الكلام جملة، وإنما يريد نفي ما سألته. ومسئلتنا ليست بمفروضة في امتثال ذلك، ولكن إذا فقدت القرائن، ونقل إلينا سؤال خاص، وجوابه لفظة العموم، فحمل الجواب على العموم أولى)).
وقال ابن دَقِيقِ الْعِيدِ في شَرْحِ الْإِلْمَامِ وَالْعُنْوَانِ: ((مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لم يَقْتَضِ السِّيَاقُ التَّخْصِيصَ بِهِ (أي: بالسبب) فَإِنْ كان السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ مُنْشَؤُهُمَا يَقْتَضِي ذلك فَهُوَ مُقْتَضٍ لِلتَّخْصِيصِ بِلَا نِزَاعٍ لِأَنَّ السِّيَاقَ مُبَيِّنٌ لِلْمُجْمَلَاتِ مُرَجِّحٌ لِبَعْضِ الْمُحْتَمَلَاتِ وَمُؤَكِّدٌ لِلْوَاضِحَاتِ قال فَلْيُتَنَبَّهْ لِهَذَا وَلَا يُغْلَطْ فيه وَيَجِبُ اعْتِبَارُ ما دَلَّ عليه السِّيَاقُ وَالْقَرَائِنُ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ مَقْصُودُ الْكَلَامِ))
وقال في الإحكام: ((عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه فقال: "ما هذا؟ " قالوا: صائم, قال: "ليس من البر الصيام في السفر"
وفي لفظ لمسلم: "عليكم برخصة الله التي رخص لكم"
أخذ من هذا: أنه كراهة الصوم في السفر لمن هو في مثل هذه الحالة ممن يجهده الصوم ويشق عليه أو يؤدي به إلى ترك ما هو أولى من القربات ويكون قوله: "ليس من البر الصيام في السفر", منزلا على مثل الحالة والظاهرية المانعون من الصوم في السفر يقولون: إن اللفظ عام والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ويجب أن تتنبه للفرق بين دلالة السياق والقرائن الدالة على تخصيص العام وعلى مراد المتكلم وبين مجرد ورود العام على السبب لا يقتضي التخصيص به كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] بسبب سرقة رداء صفوان وأنه لا يقتضي التخصيص به بالضرورة والإجماع أما السياق والقرائن: فإنها الدالة على مراد المتكلم من كلامه وهي المرشدة إلى بيان المجملات وتعيين المحتملات فاضبط هذه القاعدة فإنها مفيدة في مواضع لا تحصى وانظر في قوله عليه السلام: "ليس من البر الصيام في السفر" مع حكاية هذه الحالة مع أي القبيل هو؟ فنزله عليه)).
فتأمل كيف لم يقل بعموم نفي البر عن الصيام في السفر وخصصه بنوع الصيام الوارد في السبب (مع الجهد والمشقة).
وفي تقرير ذلك لطائف ونقولات وأمثلة من فعل السلف ولكنا نؤخرها لمقام هو أنسب وإنما اكتفينا بما يبين قصور بحث المؤلف ..
ـ[أبو مبارك السلفي]ــــــــ[25 - 02 - 09, 01:28 ص]ـ
و الأخ أبو مبارك السلفي لم يعلق على هذا أيضا , و كذلك لم يذكر لنا حتى الآن لماذا لم يذكر في كتابه تشكيك ابن خزيمة في صحة الحديث.
عيب عليك الكذب والتدليس
فقد ذكرتُ أنه لا يوجد ما يمنع من ثبوت روايتي الرفع والوقف وعدم التعارض
وذكرتُ كذلك أن الشيخ عبد الله رمضان موسى لم يذكر كلام الإمام ابن خزيمة في سماع قتادة
حيثُ قلتُ:
المؤلف لم يتكلم على إسناد قتادة من حيث الصحة والضعف، وذلك لأنه اكتفى بالإسناد الصحيح الذي رواه الإمام البيهقي .. وأثبت المؤلف صحة هذا الإسناد بالتفصيل في ثلاث صفحات تقريبا .. فما حاجته بعد إلى إثبات صحة إسناد قتادة؟!!!
متى يُحتاج إلى كلام الإمام ابن خزيمة في سماع قتادة؟
إنما يُحتاج إلى ذِكْر ذلك عند الكلام على إسناد قتادة تصحيحا وتضعيفا.
وقلتُ أيضا:
ثم أثبت المؤلف صحة الإسناد في ثلاث صفحات تقريبا