المهاجرين والأنصار كخالد بن الوليد والعباس وعبد الله بن عمرو، وهذه الحلبة [أي: الطبقة]، ثم سائر من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهد معه، أو حج معه، أو سمع منه، رضي الله عنهم أجمعين وعن جميع صواحب رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرات والمدنيات وأم الفضل وأم هانئ الهاشمية وسائر الصحابيات.
فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك، فلا نعرج عليه، ولا كرامة، فأكثره باطل وكذب وافتراء، فدأب الروافض رواية الأباطيل، أو رد ما في الصحاح والمسانيد، ومتى إفاقة من به سكران؟! ثم قد تكلم خلق من التابعين بعضهم في بعض، وتحاربوا، وجرت أمور لا يمكن شرحها، فلا فائدة في بثها، ووقع في كتب التواريخ وكتب الجرح والتعديل أمور عجيبة، والعاقل خصم نفسه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، ولحوم العلماء مسمومة، وما نقل من ذلك لتبيين غلط العالم، وكثرة وهمه، أو نقص حفظه، فليس من هذا النمط، بل لتوضيح الحديث الصحيح من الحسن، والحسن من الضعيف.
(70)
(ترجمة يحيى بن حماد رحمه الله)
وقال محمد بن النعمان بن عبد السلام: لم أر أعبد من يحيى بن حماد، وأظنه لم يضحك!
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: الضحك اليسير والتبسم أفضل، وعدم ذلك من مشايخ العلم على قسمين:
أحدهما: يكون فاضلا لمن تركه أدبًا وخوفًا من الله، وحزنًا على نفسه المسكينة.
والثاني: مذموم لمن فعله حمقًا وكبرًا وتصنّعًا، كما أن من أكثر الضحك استخف به، ولا ريب أن الضحك في الشباب أخف منه وأعذر منه في الشيوخ.
وأما التبسم وطلاقة الوجه فأرفع من ذلك كله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، وقال جرير: ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسم.
فهذا هو خلق الإسلام، فأعلى المقامات من كان بكّاء بالليل، بسّاما بالنهار.
وقال عليه السلام: (لن تسعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بسط الوجه).
بقي هنا شيء: ينبغي لمن كان ضحوكًا بسّامًا أن يقصر من ذلك، ويلوم نفسه حتى لا تمجه [تملّه وترفضه] الأنفس، وينبغي لمن كان عبوسًا منقبضًا أن يتبسم، ويحسن خلقه، ويمقت نفسه على رداءة خلقه، وكل انحراف عن الاعتدال فمذموم، ولا بد للنفس من مجاهدة وتأديب.
(71)
(ترجمة عفان بن حماد رحمه الله)
محمد بن الحسن بن علي بن بحر: حدثنا الفلاس قال: رأيت يحيى يومًا حدث بحديث، فقال له عفان: ليس هو هكذا.
فلما كان من الغد، أتيت يحيى، فقال: هو كما قال عفان، ولقد سألت الله أن لا يكون عندي على خلاف ما قال عفان.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: هكذا كان العلماء، فانظر يا مسكين كيف أنت عنهم بمعزل.
(72)
(ترجمة أحمد بن أبي خالد)
ومن كلام أحمد قال: من لم يقدر على نفسه بالبذل، لم يقدر على عدوه بالقتل.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: الشجاعة والسخاء أخوان، فمن لم يجد بماله فلن يجود بنفسه.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى ..
ـ[شتا العربي]ــــــــ[23 - 08 - 08, 10:29 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
ـ[حسن عبد الحي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:13 م]ـ
وجزاكم الله خيرًا وفيكم بارك ..
ـ[حسن عبد الحي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 03:14 م]ـ
(73)