أنبأنا جماعة قالوا: أخبرنا محمد بن مسعود أخبرنا عبد الأول بن عيسى أخبرنا أبو إسماعيل الأنصاري سمعت محمد بن أحمد البلخي المؤذن يقول: كنت مع الشيخ أبي محمد بن أبي شريح في طريق غور، فأتاه إنسان في بعض تلك الجبال، فقال: إن امرأتي ولدت لستة أشهر، فقال: هو ولدك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش) فعاوده، فرد عليه كذلك، فقال الرجل: أنا لا أقول بهذا، فقال: هذا الغزو، وسل عليه السيف، فأكببنا عليه وقلنا: جاهل لا يدري ما يقول.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: كان سبيله أن يوضح له، ويقول: لك أن تنتفي منه باللعان، ولكنه احتمى للسنة وغضب لها.
(105)
(ترجمة عيسى بن علي رحمه الله)
وقال محمد بن إسحاق النديم: كان عيسى أوحد زمانه في علم المنطق والعلوم القديمة، له مؤلف في اللغة الفارسية.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: لقد شانته هذه العلوم وما زانته، ولعله رحم بالحديث إن شاء الله.
(106)
(ترجمة ابن مندة رحمه الله)
وقال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان": ابن مندة حافظ من أولادالمحدثين، اختلط في آخر عمره، فحدث عن ابن أسيد، وابن أخي أبي زرعة الرازي، وابن الجارود بعد أن سمع منه أن له عنهم إجازة، وتخبط في أماليه، ونسب إلى جماعة أقوالا في المعتقدات لم يعرفوا بها، نسأل الله الستر والصيانة.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: لا نعبأ بقولك في خصمك للعداوة السائرة، كما لا نسمع أيضا قوله فيك، فلقد رأيت لابن مندة حطًا مقذعًا على أبي نعيم وتبديعًا، وما لا أحب ذكره، وكل منهما فصدوق في نفسه، غير متهم في نقله بحمد الله.
(107)
(ترجمة ابن مندة رحمه الله)
عن يحيى بن مندة قال: سمعت عمي عبدالرحمن، سمعت محمد بن عبيد الله الطبراني يقول: قمت يومًا في مجلس والدك رحمه الله، فقلت: أيها الشيخ، فينا جماعة ممن يدخل على هذا المشؤوم - أعني أبا نعيم الأشعري - فقال: أخرجوهم.
فأخرجنا من المجلس فلانًا وفلانًا، ثم قال: على الداخل عليهم حرج أن يدخل مجلسنا، أو يسمع منا، أو يروي عنا، فإن فعل فليس هو منا في حل.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: ربما آل الامر بالمعروف بصاحبه إلى الغضب والحدة، فيقع في الهجران المحرم، وربما أفضى إلى التفكير والسعي في الدم، وقد كان أبو عبد الله وافر الجاه والحرمة إلى الغاية ببلده، وشغب على أحمد بن عبد الله الحافظ، بحيث إن أحمد اختفى.
(108)
(ترجمة علي بن أبي الطيب رحمه الله)
قيل: إنه حُمل إلى السلطان محمود بن سبكتكين ليسمع وعظه، فلما دخل جلس بلا إذن، وأخذ في رواية حديث بلا أمر، فتنمر له السلطان، وأمر غلامًا، فلكمه لكمة أطرشته، فعرفه بعض الحاضرين منزلته في الدين والعلم، فاعتذر إليه، وأمر له بمال، فامتنع، فقال: يا شيخ: إن للملك صولة، وهو محتاج إلى السياسة، ورأيت أنك تعديت الواجب، فاجعلني في حل.
قال: الله بيننا بالمرصاد، وإنما أحضرتني للوعظ، وسماع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وللخشوع لا لإقامة قوانين الرئاسة، فخجل الملك، واعتنقه.
ذكره ياقوت في "تاريخ الأدباء"، وقال: توفي في شوال سنة ثمان
وخمسين وأربع مئة بسانزوار.
قال الذهبي رحمه الله:
قلت: رتبة محمود رفيعة في الجهاد وفتح الهند وأشياء مليحة، وله هنات، هذه منها، وقد ندم واعتذر، فنعوذ بالله من كل متكبر جبار.
وقد رأينا الجبارين المتمردين الذين أماتوا الجهاد، وطغوا في البلاد، فواحسرة على العباد.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى ..
ـ[حسن عبد الحي]ــــــــ[07 - 09 - 08, 02:56 م]ـ
(109)