تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ففي الانعزال عن الدنيا - انعزالا مؤقتا- والبعد عن الشواغل حياةٌ للقلب وأنس بالله ومع الذكر والدعاء والقيام والقرآن يرق القلب وتشف النفس ويصفو الذهن فيعيش الإنسان أسمى لحظات الأنس والرضا ولم لا وقد تخلص من تَشَتُّتِ قلبه وتفرق ذاته هنا وهناك وفاز بالاجتماع على الله والإقبال عليه ومن هنا قال ابن القيم في عبارة شهيرة: "ومن له أدنى حياة في قلبه ونور فإنه يستغيث قلبه من وحشة هذا التفرق كما تستغيث الحامل عند ولادتها ففي القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه وفيه طلب شديد لا يقف دون أن يكون هو وحده مطلوبه وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة منه أبدا".< O:P>

فالتفرق يوقع وحشة الحجاب وألمه أشد من ألم العذاب قال الله تعالى: "كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم". فاجتمع عليهم عذاب الحجاب وعذاب الجحيم كما قال ابن القيم رحمة الله عليه.< O:P>

خامسا: تهذيب النفس وتقريب الدمعة:< O:P>

إذ الانقطاع التام للعبادة يجعل النفس مقبلة بالكلية على مطلوبها الأعلى منصرفة عن كل ما سواه وهذا من شأنه أن يرقق القلب ويهذب النفس ويزيل الران شيئا فشيئا الذي تراكم على القلب عبر أيام السنة ومن هنا تصبح الدمعة قريبة والنفس شفافة رفافة تكاد تنير.< O:P>

وهنا معنى مهم في تشريع العبادات في الإسلام أو مقاصده وهي أن العبادات لا تبرح النفس لحظة من اللحظات من صلوات خمس في اليوم والليلة وحج وعمرة وزكاة وصدقات ونوافل لهذا كله ثم يأتي الصيام لينظف النفس والقلب ثم تأتي العشر الأواخر لتبلغ النفس أسمى ما يمكن أن تبلغه من شفافية ورقة وحضور ليكون شهر رمضان انطلاقة كبرى لبقية العام.< O:P>

وهذا كله يصب في تحقيق معاني التقوى في النفس الذي هو المقصد الأكبر من الصيام، بل من العبادات كلها حيث يقول الله تعالى: "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون". البقرة: 21.< O:P>

هذه بعض المقاصد للاعتكاف وليست على سبيل الحصر بل غيرها كثير مثل: الانقطاع التام إلى العبادة الصرفة من صلاة ودعاء وذكر وقراءة قرآن وحفظ الصيام من كل ما يؤثر عليه من حظوظ النفس والشهوات والتقلل من المباح من الأمور الدنيوية والزهد في كثير منها مع القدرة على التعامل معها كل هذا وغيره من مقاصد ينبغي أن يبتغيها المسلم في اعتكافه ويضعها نصب عينيه حتى يحقق المقصود من الاعتكاف ومن الله العون والقبول

ـ[المغربي أبو عمر]ــــــــ[09 - 09 - 09, 07:39 ص]ـ

الاعتكاف وبناء القلوب

ياسر محمود

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير