تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مما ينبغي للإنسان أن يستشعر أيضا في اعتكافه: حسن الظن بالله - تعالى - فالأدب مع الله في بيوته وفي العبادات أن يحسن العبد الظن بربه - تعالى - ولذلك تجد المحسنين الذي أحسنوا الظنون بربهم إذ ا قرؤوا القرآن خشعت قلوبهم وبكت من خشية الله عيونهم وسكنت في طاعة الله جوارحهم وخضعت لربهم. < O:P>

كذلك أيضا مما يعين على الأدب في حالة الاعتكاف: مراعاة حقوق النفس أن يتأدب المعتكف مع نفسه. < O:P>

والأدب مع النفس له جوانب عديدة: < O:P>

على المعتكف أن يعرف من هو؟ ومن هي نفسه الأمارة بالسوء؟ ويتأدب مع هذه النفس فلا يعطيها أكثر من حقها ولا يحملّها فوق ما تطيق حتى يُقبل على العبادة بسنة واتباعٍ لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيدا عن غلو الغالين بعيدا عن الرهبانيّة والتنطع والغلوّ في الدين يقبل على اعتكافه متّبعا رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - حنيفية سمحاء ورحمة من أرحم الراحمين لا غلوّ فيها ولا شطط يقبل بنفس منشرحة لا تحمّل فوق ما تطيق قال صلى الله عليه وسلم يشير إلى هذا الأدب: ((أيها الناس اكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا)). < O:P>

وقال صلى الله عليه وسلم في الذي يعذب نفسه ويجهد نفسه ويحملّها فوق ما تطيق: ((إن المنبت لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع)). < O:P>

يسهر الإنسان سهرا لا يعطي نفسه حق النوم في النهار ويقدم على العبادة بجد واجتهاد فوق الطاقة فعندها يمرض أو يسقط، فلا هو بقي له جسده ولا هو كملت له عبادته وهذا شيء مذموم في الشرع غير محمود جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتيسير، ولم يأت بالتعسير جاء بالرحمة ولم يأت بالعذاب رأى رجلا قام في الشمس فقال: ((من هذا؟ قالوا: هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم فلا يقعد وأن لا يستظل وأن يصوم ولا يفطر فقال: إن الله عن تعذيب هذا لنفسه لغني)). < O:P>

فالله لا تنفعه طاعة المطيعين ولا تضره معصية العاصين فيتأدب مع نفسه فلا يحملها ما لا تطيق وإنما يأخذها بالسماحة واليسر. < O:P>

وهناك جوانب عديدة في الأدب مع النفس منها: عدم العجب وما أهلك العابد في عبادته شيء مثل العجب والغرور. < O:P>

يدخل الإنسان إلى المسجد فيخلّي الشيطان بينه وبين عبادته فيخشع قلبه وينشرح صدره ويُقبل على العبادة إقبال المجدّين حتى إذا انتهى منها جاءه الشيطان من حدب وصوب وأشعره بأنه قد فاز وأنه قد نال الدرجات العلا حتى إن قدميه قد وطئت جنة الله - تعالى - من الغرور وعندها يمقته الله – تعالى - ولربما أحبط عمله. < O:P>

إياك والغرور كان السلف الصالح – رحمهم الله – يحملون همّ الصواب في الأعمال أول همّ يحملون في العمل أن يعلموا الصواب والحق فإذا علموا الصواب حملوا همّ التوفيق للعمل وكانوا يسألون الله المعونة على الرشد فإذا وفّقوا للعمل بالصواب حملوا همّ الإخلاص فيه فإذا وفّقوا للإخلاص أو وجدوا الإخلاص حملوا همّ إتقانه والقيام به على الوجه الذي يرضي الله فإذا أتموا الأعمال خالصة متقنة إذا بهم يحملون همّ القبول، فتجد الإنسان يخاف من ذنب بينه وبين الله أن يحول بينه وبين القبول. < O:P>

فإياك والغرور ولذلك قال مطرف بن عبد الله بن الشخّير: ((لأن أبيت نائما وأصبح نادما أحب إلي من أبيت قائما وأصبح معجبا)). < O:P>

العجب طريق الحبوط - والعياذ بالله – للأعمال، فمن أصابه العجب فعلى مهلكة فيسأل الله أن يعافيه من هذا البلاء. فإياك والعجب. < O:P>

أما الأدب مع الناس فجماع الخير كله في تقوى الله - تعالى - ومن اتقى الله فهو المسلم الحق الذي سلم المسلمون من يده ولسانه. < O:P>

والأدب مع الناس أن تقرأ في كتاب الله وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الذي أمرك به تجاه إخوانك المسلمين؟ ومن الذي نهاك عنه؟ فتعطيهم ما تحب أن تعطى وتكف عنهم ما تحب أن يكف عنك وتكون مسلما حقا قد سلم المسلمون من ويده لسانه وزلات جوارحه وأركانه فإذا وفقك الله لهذا فأبشر بخير كثير. < O:P>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير