تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وثالثا: قِدَمه لأنه أول بيت وضع للناس وهو مسجد الكعبة والأقدم مقدّم على غيره - كما سيأتي في ضوابط التفضيل بين المساجد -. فالأفضل مسجد الكعبة ثم يليه مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الصلاة فيه بألف وهذه فضيلة لا توجد في غيره ما عدا المسجد الحرام ولذلك يفضل مسجد المدينة على ما سواه من المساجد بعد مسجد الكعبة ثم المسجد الأقصى لورود الفضل فيه والصلاة فيه بخمسمائة وكذلك ينظر في التفضيل إلى أصول وضوابط دلت عليها أدلة الكتاب والسنة:

فأولها: قِدَم المسجد فإذا كان المسجد أقدم فإنه أفضل وأولى بالاعتكاف والدليل على ذلك قوله تعالى: {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ} فبيّن عز وجل في هذه الآية الكريمة أن المسجد الأقدم أحقّ أن يقوم الإنسان فيه بالعبادة وهذا أخذ منه الأئمة - رحمهم الله - تفضيل المسجد الأقدم.

كذلك أيضا: يفضل المسجد الأكثر عددًا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبت في الحديث الصحيح عنه أنه قال: ((صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الواحد وما كان أكثر فهو أزكى))

ففضّل الصلاة مع كثرة العدد فتفضل المساجد التي هي أكثر عددا لوجود هذه الفضيلة الثابتة في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

كذلك يفضل الاعتكاف في المسجد الذي يخشع فيه قلب الإنسان أكثر وتتوفر الدواعي للخشوع من: وجود إمام يتأثر بقراءته ويتأثر بخُطَبه ويتأثر بمواعظه ويتأثر بتوجيهه فحينئذ يحرص على أن يصلي فيه لأن الله - عز وجل - مقلّب القلوب ويرزق أئمة المساجد القبول فضلا منه - عز وجل - والإخلاص له أثر فقلّ أن يوضع القبول لإنسان في أمر من أمور الدين إلا ووراء ذلك بعد فضل الله سر من الإخلاص.

فإذا صلى الإنسان وراء إمام مخلص أو تظهر آثار إخلاصه في انتفاعه بوعظه وانتفاعه بتوجيهه وحبه له وتأثره بنصائحه فهذا لا شك أنه أفضل في حق هذا المكلف لأن المقصود الأعظم هو الخشوع وحضور القلب وهذا أصل معتبر في سماع التلاوة والتأثر بالقرآن وبالمواعظ.

وبخلاف الإمام الذي ينفّر الناس وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فقال: ((إن منكم منفرين)).

فإذا كان في المسجد له إمام ينفر وأسلوبه ينفّر ولا يحبّب فحينئذ يقدّم غيره عليه لأنه أقرب إلى السنة، واتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذه كلها من الأسباب أو الضوابط التي توجب تفضيل مسجد على آخر، وتقديمه على غيره. والله تعالى أعلم

س4: فضيلة الشيخ: لي والدان قد يحتاجان إلي أو قد يحتاج أحدهم إلي أن أكون معهم مما يجعلني مترددا هل أعتكف أو أترك الاعتكاف علما بأنني أنوي الاعتكاف في المسجد الحرام وإذا لم يتيسر فإنني سأعتكف في المسجد النبوي أفتوني مأجورين وجزاكم الله كل خير؟

أخي في الله أوصيك أن تبر والديك وأن تقدم بر والديك على الاعتكاف وعلى سائر النوافل لأن الله وصّاك من فوق سبع سماوات بوالديك خيرا وأمرك سبحانه أن تحسن إلى والديك.

وقد أجمع العلماء - رحمهم الله - على أن برّ الوالدين من أحبّ الأعمال إلى الله -عز وجل - وذلك بعد حقّه؛ ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه وأرضاه - أنه قال: ((سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي العمل أحب إلى الله - تعالى -؟ قال: الصلاة على وقتها. قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله)).

فالزم رجل والدتك، والزم رجل والديك؛ فإن الجنة ثَمّ. قال: ((يا رسول الله أقبلت من اليمن أبايعك على الهجرة والجهاد وتركت أبوايا يبكيان؟ قال: أتريد الجنة؟ قال: نعم. قال: ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما وأحسن إليهما ولك الجنة))

وفي الحديث الآخر: ((تركه أمه تبكي. فقال: ارجع إليها فالزم رجلها فإن الجنة ثَمّ)) أي هناك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير