تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[رسالة في رياضة الصبيان وتعليمهم وتأديبهم]

ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[21 - 10 - 08, 12:36 ص]ـ

[رسالة في رياضة الصبيان وتعليمهم وتأديبهم]

للشيخ العلامة/ شمس الدين، محمد بن محمد الأنبابي، رحمه الله تعالى

شيخ الأزهر في مطلع القرن الرابع عشر الهجري

ترجمة المؤلف - رحمه الله تعالى -:

هو شمس الدين، محمد بن محمد بن حسين، الأنبابي، الشافعي، شيخ الجامع الأزهر.

وُلد بالقاهرة سنة 1240، وحفظ القرآن والمتون بالجامع الأزهر، وأخذ عن الشيخ إبراهيم الباجوري، والشيخ إبراهيم السَّقا، والشيخ مصطفى البولاقي، وأمثالهم، ففاق الأقران، وتصدَّر للتدريس في سنة 1297.

وكان كلَّما قرأ كتابًا طَرَّز له تقريرًا؛ فاجتمعت عنده بذلك تقاريرُ عديدة، أتت بجليل الفوائد، ودلَّت على سعة اطلاعه.

وكان مع اهتمامه بالعلم يُتاجر في الأقمشة، وكانت له الخبرة بتجارته، وله وكالة تُنسب إليه في الغوريَّة، وقد عهد إليه برئاسة الشافعية بعد الشيخ السقَّا، وتعيَّن شيخًا أكبر للجامع الأزهر مرة بعد أخرى، وكان تولِّيه ثاني مرَّة سنة 1304، فاستمر فيها إلى سنة 1312، وتوفي في 21 شوال، وكان قد أصيب بشلل قبل وفاته بسنتين 1313، وترك ثروة عظيمة، وقف معظمها للتَّصدق والإحسان.

وله عدَّة حواشٍ وتقارير على متون وحواشٍ في النحو، والبلاغة، والفقه الشافعي، والشروح الحديثيَّة، وصنَّف رسالة "البسملة الصُّغرى"، و"الصياغة في فنون البلاغة"، ورسالة "في تأديب الأطفال"، ورسالة "في علم الوضع".

وللسيد أحمد رافع الطهطاوي كتاب "القول الإيجابي في ترجمة العلاَّمة شمس الدين الأنبابي"، وهو مطبوع.

قال عنه الشيخ عبدالرزاق البيطار في حِلية البشر: "وحيد مصر، وفريد هذا العصر، سيدي العلامة الشيخ، شمس الدين محمد الأنبابي الشافعي، شيخ جامع الأزهر الآن، لازمت دروسه سنتين في شرح الغاية لابن قاسم، والخطيب، وفي غيرهما".

وانظر ترجمته: هدية العارفين (2/ 379، 726)، ومعجم المطبوعات (1/ 478، 479)، والأعلام للزركلي (7/ 75)، ومعجم المؤلفين (11/ 209، 210).

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

الحمد لله الذي خَلق كلَّ شيء فأحسن خَلْقَه وترتيبه، وأَدَّب نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - فأحسن تأديبَه، وزَكَّى أوصافه وأخلاقه، ثم اتخذه صَفِيَّه وحبيبه، ووَفَّق للاقتداء به من أراد تهذيبه، وحَرَم التَّخَلُّقَ بأخلاقه من أراد تَخْييبه، وصلى الله على سيدنا محمد سيِّدِ المرسلين، وعلى آله الطيِّبين الطاهرين. [1]

عظم مسؤوليَّة الوالدين تجاه أولادهما:

اعلم أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور وأَوْكَدها، والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة، ساذجة [2]، خالية عن كلِّ نَقْش وصورة، وهو قابلٌ لكل ما نُقِشَ فيه، ومَائلٌ إلى كل ما يُمال به إليه، فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه، نَشَأ عليه، وسَعِد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبواه، وكل مُعَلِّم له ومُؤَدِّب، وإن عُوِّد الشر، وأُهمل إهمال البهائم، شَقِيَ وهلك، وكان الوِزْر على قَيِّمه ووَليِّه؛ قال الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]، وإذا كان الأب يَصُونه عن نار الدنيا، فعن نار الآخرة أولى.

نصائح للوالدين:

وصيانته: بأن يُؤَدِّبه ويُهَذِّبه، ويُعَلِّمَه محاسن الأخلاق، ويحفظه من قُرناء السوء، ولا يُعَوِّده التَّنَعُّم والتَّزين، وأول ما يَغْلُب عليه من الصفات شَرَهُ الطعام، وتأديبه فيه ألاَّ يأخذ الطعام إلاَّ بيمينه، وأن يقول: بسم الله، عند أَخْذه، وأن يأكل مما يليه، وألاَّ يُبادر إلى الطعام قبل غيره، وألاَّ يُحْدق النظر إليه، ولا إلى مَنْ يأكل معه، وألاَّ يُسْرِع في الأكل، وأن يُجيد المَضْغ، وألاَّ يُوالي بين اللُّقم، وألاَّ يُلَطِّخ يده ولا ثوبه؛ ولا يُعَوِّده على نفائس الأطعمة والملابس، بل يُحَبِّب إليه الخَشِن منهما [3]، ويُقَبِّح عنده كثرة الأكل، بأن يُشَبِّه كل من يُكثر الأكل بالبهائم، ويَذُمُّ بين يديه الصبي الذي يُكثر الأكل، ويَمْدح الصبي المُتَأدِّب القليل الأكل [4]؛ ويُحْفَظ عن الصبيان الذين عُوِّدوا التَّنَعُّم والرفاهية، ولبس الثياب الفاخرة، وعن مُخالطة كل ما يُلهيه، وأن يُوَجِّهه إلى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير