وقال في لقاء آخر مع رئيس تحرير جريدة الوطن نشر يوم الاثنين بتاريخ 31/ 5 / 2004 م ما نصه: (رئيس التحرير: أليس هناك أحاديث أخرى غير حديث أبي بكرة " لا يفلح قوم اسندوا أمرهم إلى امرأة "؟.
د. الأشقر: ليس هناك تحريم للمسألة إلا في هذا الحديث. ومن رواه صحابي جليل لكنه أخطأ. وقد قبل الحديث احتراما له على الرغم من أنه لا يجوز قبول هذا الحديث.
رئيس التحرير: هناك من يسأل هل تسقط بقية الأحاديث التي رواها الصحابي أبو بكرة؟
د. الأشقر: نعم وهي بين 50 إلى 60 حديثا. وليس هناك من هو منزه عن الخطأ حتى البخاري نفسه. إن كتب الحديث ليست قرآنا.
وحول ما كتب سماحته لي بعض التعقيبات:
أولا: ترجمة أبي بكرة رضي الله عنه:ـ
" أبو بكرة " هو نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبي سلمة، صاحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قيل له أبو بكرة: لأنه تدلى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببكرة من حصن الطائف، فكني أبا بكرة، وأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ.
روى أبو بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مائة واثنين وثلاثين حديثا، اتفق الشيخان على ثمانية وانفرد البخاري بخمسة ومسلم بحديث كما قال العيني في عمدة القاري.
روى عنه: الحسن البصري وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، والأحنف بن قيس، ومحمد بن سيرين وأبناؤه وغيرهم.
كان مثل النصل في العبادة حتى مات، له عقب كثير لهم وجاهة وسؤدد بالبصرة، اعتزل الفتن في البصرة فلم يقاتل مع أحد الفريقين.
قال البخاري: قال مسدد: مات أبو بكرة والحسن بن علي في سنة واحدة. قال: وقال غيره:مات سنة إحدى وخمسين بعد الحسن.
ثانيا: ذكر أقوال أهل العلم بعدالة عموم الصحابة.
كلام الدكتور محمد في أبي بكرة كلام ليس بصواب، ولم يسبقه إليه أحد ممن يعتد به، فعدالة الصحابة مجمع عليها بين علماء الكتاب والسنة. وهذه أقوال جهابذة أهل العلم فيهم:
قال النووي في التقريب: الصحابة كلهم عدول، من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتد به. (تدريب الراوي للسيوطي 2/ 214)
وقال إمام الحرمين: والسبب في عدم الفحص عن عدالتهم: أنهم حملة الشريعة، فلو ثبت توقف في روايتهم لانحصرت الشريعة على عصره صلى الله عليه وسلم، ولما استرسلت سائر الأعصار، وقيل يجب البحث عن عدالتهم مطلقا، وقيل: بعد الفتن. قال المعتزلة: عدول إلا من قاتل عليا، وقيل: إذا انفرد، وقيل إلا المقاتِل والمقاتَل، وهذا كله ليس بصواب، إحسانا للظن بهم وحملا لهم في ذلك على الاجتهاد المأجور فيه كل منهم. (نقله السيوطي في كتاب تدريب الراوي 2/ 214)
وقال القاضي أبو بكر بن العربي في كتابه العواصم من القواصم: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عدول بتعديل الله ورسوله لهم ولا ينتقص أحدا منهم إلا زنديق.
قال ابن الملقن: للصحابة بأسرهم خصيصة، وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به. (المقنع في علوم الحديث 2/ 492 نقلا من كتاب ولاية المرأة في الفقه الإسلامي لحافظ محمد أنور)
وقال ابن كثير كما في الباعث الحثيث (2/ 498): (والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة، لما أثنى الله عليهم في كتابه العزيز، وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم، وما بذلوه من الأموال والأرواح بين يدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رغبة فيما عند الله من الثواب الجزيل، والجزاء الجميل.
وأما ما شجر بينهم بعده عليه الصلاة والسلام فمنه ما وقع عن غير قصد كيوم الجمل، ومنه ما كان عن اجتهاد كيوم صفين، والاجتهاد يخطئ ويصيب، ولكن صاحبه معذور وإن أخطأ، ومأجور أيضا. وأما المصيب فله أجران.
وكان علي وأصحابه أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين. وقول المعتزلة: الصحابة عدول إلا من قاتل عليا، قول باطل مرذول مردود.
¥