ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[08 - 12 - 04, 02:44 م]ـ
مناسك الحج
أحكامه وحكمه
بسم الله الرحمن الرحيم
] وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ
عَنِ العَالَمِينَ [(آل عمران: 97) ,] إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ
البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا [(البقرة: 158)] الْحَجُّ أَشْهُرٌ
مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا
مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [
(البقرة: 197).
أما بعد: حمدًا لله والصلاة والسلام على خاتم رسله محمد - صلى الله عليه
وسلم - فيقول محمد رشيد بن علي رضا صاحب مجلة المنار: إنني في شهر ذي
القعدة سنة 1334 عزمت على أداء فريضة الحج في خدمة والدتي، وكنت أتمنى
ذلك منذ سنين، ولم يتيسر لي لموانع بعضها من قِبَلها، وبعضها من قِبلي، وقد
خطر لي قبل السفر من مصر بثلاث ليال أن أكتب شيئًا مختصرًا في أحكام المناسك
وحكمها، سهل العبارة، مأخوذًا مما صح في السنة، مع الإشارة إلى أقوى مسائل
الخلاف، وأن أطبعه وأوزعه على من أسافر بصحبتهم من الحجاج، تعليمًا للجاهل،
وتذكيرًا للغافل، ولكن لم يتيسر لي الشروع فيه إلا في منتصف النهار من اليوم
الثاني والعشرين من الشهر - وموعد السفر 24 منه -.
...
الحج والعمرة
الحج أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو عبادة بدنية مالية، والصلاة عبادة
بدنية فقط، وكذلك الصيام، والزكاة عبادة مالية فقط، ومعناه القصد إلى بيت الله
الحرام بمكة المكرمة؛ لأداء النسك فيه وفيما جاوره من الأماكن الشريفة، وهذا
النسك منه أركان وواجبات، وسنن مندوبات ومستحبات.
والعمرة كالحج في أركانه وواجباته وسننه إلا الوقوف بعرفة فإنه ركن من
الحج غير مشروع في العمرة، وتكون في أشهره وفي غير أشهره كما سيأتي.
وهي واجبة عند بعض أئمة العلم، وسنة عند الآخرين ويجوز الجمع بين الحج
والعمرة بأن ينويهما، ويلبي الله - تعالى - بهما معًا عند الإحرام، ويسمى هذا
(قِرانًا) وأن ينوي الحج وحده ويلبي به ثم يدخل عليه العمرة، ويسمى
(إفرادًا) وأن ينوي العمرة وحدها أو مع الحج ثم يتحلل منها بعد أداء أركانها، ثم
يُحرم بالحج بمكة، ويسمى هذا (تمتعًا) لأن صاحبه يتمتع بعد التحلل من إحرامه
بها ويتمتع به غير المُحْرِم من لبس الثياب والطيب وغير ذلك من محرمات الإحرام،
وعليه فدية، وهي ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة أيام إذا رجع من
الحج، أو إطعام ستة مساكين من أوسط طعامه، ككفارة اليمين وزكاة الفطر.
واختلف علماء السلف والخلف في الأفضل، وأقوى الأقوال في ذلك أن التمتع
أفضل مطلقًا، أو لمن لم يَسُق (الهدي) إلى الحرم. و (الهدي) ما يُهدى إلى
الحرم من الأنعام ليُذبح فيه تقربًا إلى الله - تعالى -، فمن ساقه من بلده أو
طريقه فالأفضل له القِران. وعلى هذا يكون التمتع هو الأفضل والأيسر لأمثالنا -
من الحجاج المصريين وغيرهم ممن لا يسوق معه هديًا - أن نُحْرِم بالعمرة وحدها
أو مع الحج، ثم نأتي بأركان العمرة كما يأتي بيانه، ثم نتحلل منها فنستبيح
كل ما يباح لغير المحرم، ونذبح شاة إذا كان يوم (التروية) - وهو الذي قبل يوم
عرفة - نُحْرِم بالحج من مكة، ولمن أحرم بالحج وحده أو بالحج والعمرة معًا أن
يتحلل بعمرة، ثم يحرم بالحج كذلك.
...
الإحرام والتلبية
لكل قطر من الأقطار مكان يسمى (ميقات الإحرام) لا يجوز تجاوزه بغير
إحرامٍ الحاجُّ ولا المعتمر، وفي غيرها كقاصد الحرم للتجارة خلاف، فمتى بلغ
الميقات أحرم عنده، بأن ينوي الحج والعمرة أو أحدهما، ويلبي بما نواه بأن يقول:
لبيك اللهم عمرة أو بعمرة، أو لبيك اللهم حجًّا، أو لبيك اللهم حجًّا وعمرة، أو
بحج وعمرة.
وتقدم أن الأفضل لأمثالنا الإحرام بالعمرة فقط. ومن أحرم إحرامًا مطلقًا
قاصدًا النسك الذي فرضه الله - تعالى - في حرمه من حيث الجملة جاهلاً هذا
¥