يا دار أين الملوك الفرس أين الفرسْ ... أين الذينَ حموها بالقنا والترس ْ
قالت تراهم رمم تحت الاراضي الدرس ... خفوت بعد الفصاحة ألسنتهم خرسْ 21
وقيل:
منازل كنت فيها بعدك درسْ ... خراب لا للعزا تصلح ولا للعرسْ
فأين عينيك تنظر فيها الفرس ْ ... تحكم وألسنة المدّاح فيها خرس ْ
وعلى كل حالٍ، فإنّ وزن المواليا من بحر البسيط:
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن ... مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
وله ثلاثة أعاريض يشبهها ضربها وهي: (فاعلن، فَعْلُن، فِعلان)، وله كذلك ثلاثة أشكالٍ أو أنماطٍ أيضاً:
الاول: المواليَّا الرباعي وهو أربعة أشطرٍ مقفاة بحرف الروي ذاته، ومنه قول صفي الدين الحلي:
إنْ أقتمَ النقْعُ كنا الضاربين الهامْ ... وإنْ أفاضوا الحجا كنا ذوي الأفهامْ
وما برِحنا بأرث الفضل ِوالإلهامْ ... تُطْوَى الخناصرْ لنا أو يُعْقدُ الإبهامْ 22
ومنه قولنا:
ماذا على مَنْ تَعاطى حُبَّهُ ولَهُ ... هلْ باردُ الريق ِ يُطفي النارَ أمْ وَلَهُ
أمْ لوعةُ القلب ِ إنَّ الحُبَّ أوَّلَهُ ... لواعجٌ ثُمَّ يُفشي الصبُّ مِقْوَلَهُ
الثاني: المواليَّا الأعرج وهو خمسة أشطرٍ مقفاة بحرف الروي ذاته ما عدا الشطر الرابع فيكون مختلفاً، ومنه قول الصفي:
إنّ الصوارم ما زالت بأيدينا ... تميس عجباً، ويهتزّ القنا لينا
ومجد أعلامنا في الناس يعلينا ... بيضٌ صنائعنا سودٌ وقائعنا
خضرٌ مرابعنا حمرٌ مواضينا 23
ومنه قولنا:
وشادنٍ زَيَّنتْ عشْرينَهُ سِنَّهْ ... تلألئَ البرقُ إذْ أبدى لنا سِنَّهْ
سَنَّ الجفاءَ ألا قد ساءَ ما سَنَّهْ ... وما اهتدينا إلى حَلٍّ لِحالتِنا
فقومُنا شِيعَةٌ إذْ قومُهُ سُنَّهْ
الثالث: المواليَّا النعماني وهو ما يسمى بالموال الزهيري 24، وسيأتي شرحه.
بقي أن نعرف أن صفي الدين الحلي ذكر أن الاشطر الأربعة تسمى صوتاً، وقد تسمى بيتين على الأصل، كما أنه قسم المواليا من حيث الاغراض الى ثلاثة أقسام، هي:
الاول: الجزْل أي ذو اللفظ القوي الجزل ونظمه في الفخر والمديح ومنه ما سبق ذكره له.
الثاني: الصنائع المشكلة، أي ما يكون فيه لغزاً وتركيباً معقداً وبفكّه يتحقق المعنى المراد، ومنه قوله:
تقولُ بسَّك منِّي ياشقيق البدْرْ ... لقولِ ضدَّك عنِّي بالخنا والغدْرْ
وكانَ ظنَّك أنِّي يا جليل القدْرْ ... يكونُ ذلك فنِّي عند ضيق الصدْرْ
حيث يخرج من أوائل شطورها بيتا قريض من بحر المجتثّ، وهما:
تقولُ بسَّكَ منِّي ... لقولِ ضدَّك عنِّي
وكانَ ظنَّك أنِّي ... يكونُ ذلك فنِّي
وإذا قرأت حروف البيتين هجائياً، نتج عن ذلك بيتا مواليا،على نحو:
تا قافُ واو لام با سين كاف ميم نون يا، وهكذا 25.
الثالث: الرقيق السهل، ونظمه في الغزل والتشوق والتهنئة والعتاب والهجاء، ومنه قوله:
أيْ قلبُ إن غدروا فاغدرْ وإن خانوا ... فخنْ وإن هم قَسُوا فاقسُ وإن لانوا
فلنْ وإن قربوا فاقربْ وإن بانوا ... فبنْ وكن أنتَ معْهم مثلما كانوا 26
حديثاً:
لعلّ الشكل الحديث للمواليا هو ما يعرفُ بـ (المَوَّال أو الزهيري أو الموال الزهيري)
يقول الدكتور صفاء خلوصي: (وقد بقي اسم المواليا في العراق الى يوم الناس هذا إلا أنه حُرّفَ الى المَوَّال وتركيبه كتركيب الزهيري ولو أن هذا الاخير أصبح يضم سبعة أشطر تكون الثلاثة الاولى من روي والثلاثة التي تليها من روي آخر والشطر السابع المفرد من روي الاشطر الثلاثة الاولى) 27.
وقليلٌ من التأمل في قوله، سبعة أشطر تكون الثلاثة الاولى من روي والثلاثة التي تليها من روي آخر والشطر السابع المفرد من روي الاشطر الثلاثة الاولى، يوحي لنا بأنَّ الدكتور خلوصي يشير إلى أنّ المَوَّال عموماً لا يشترط فيه التجنيس وإنما الأصل إتحاد الرويِّ، والتجنيس هو من شروط نوع ٍ منه يعرف بالزهيري -كما سيتضح لنا – وهذا يبيّنُ لنا الفرق بين المَوَّال والزهيري، وكما يؤكّد الترابط بين المواليا القديم والمَوَّال الحديث.
وسبق أن ذكرنا قول السيوطي: هو (مُوَالَ) بضم الميم وفتح الواو وبعد الالف لام مفتوحة على صيغة اسم المفعول من وَلَاهُ يَوليه اذا تابعه.
¥