تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والبحر المتقارب من دائرة المتفق التي يخرج منها بحران، أحدهما المتقارب، وهو بحر متفق عليه عند العروضيين، والثاني: اختلف فيه العروضيون، وهو البحر المتدارك، فالأخفش يقره، والخليل ينفيه، والبحر المتقارِب بكسر الراء، متقدم على (البحر المتدارَك) بفتح الراء، والمتدارِك بكسر الراء، نوع من القافية، يأتي الكلام عنه في مقالات أخر، إن شاء الله.

والبحر المتقارب يسبق المتدارك، لأن أوله وتد، فهو أولى بالتقدم مما أوله سبب، والوتد، بفتح التاء أو كسرها، في اصطلاح العروضيين، ما كان في العروض من أجزاء التفعيلات على ثلاثة أحرف، وهو على ضربين: أحدهما حرفان متحركان يتلوهما ساكن [11ه =21]، وهو الوتد المقرون، نحو: فعو، و (علن).

والثاني: حرفان متحركان بينهما ساكن [1ه1= 12 تعالج خصائصه في الرقمي على أساس التخاب دون التعريج على المصطلح]، وهو الوتد المفروق، نحو: لات من مفعولات.

وسمي البحر المتقارب بالمتقارب لتقارب أوتاده بعضها من بعض، إذ بين كل وتدين سبب خفيف، وهو: فعولن المكررة ثمانية. والسبب الخفيف هو: حرف متحرك، والثاني ساكن، مثل: لن، من (فعولن). والسبب الثقيل هو: مقطع عروضي يتكون من حرفين متحركين مثل: فع ..

وانظر: كتابي (ما هكذا يكتب الشعر) الجزء الأول، صفحة (68 - 70) ففيها بيان وتبيين عن بحر المتقارب ..

ثم نأتي إلى مقطعة البلادي (قرون الظباء) المكونة من خمسة أبيات، التي لحق الكسر أبياتها الخمسة، ولم يسلم بيت واحد من الكسر .. والمقطعة لو سمعها الأصمعي لبكى واستبكى معه كل من سمعها، كما بكى حين عرض عليه أحد شعراء بغداد شعراً مثل شعر أخينا البلادي، فلما سئل ما يبكيك أيها العالم الجليل.

قال: يبكيني أن ليس لغريب قدر وحرمة، لو كنت ببلدي بالبصرة ما جسر هذا ان يعرض عليّ هذا الشعر وأسكت عنه، ولا أضربه ضرباً مبرحاً حتى يتوب» ..

رحمك الله أيها العالم الكبير عبدالملك بن قُريْب، فلو كنت حياً بين ظهرانينا، وسمعت مثل هذا الشعر الرديء الذي امتلأت به كتبنا وجرائدنا، لبكيت بكاء الأم الرءوم على موت ولدها، واستمررت في البكاء حتى يجتمع علماء البلد ومثقفوها، ويضربوا هؤلاء الشعراء حتى يغمى عليهم، ثم يذهبوا بهم إلى غرفة (الإنعاش) ...

استمع أيها القارىء الكريم، وابك على حالنا، وحال ثقافتنا، وسامح الله هذه الجامعات العلمية التي جرأت أنصاف الشعراء وأرباعهم، حينما رأوا بعض خريجيها يتعثرون في كتابتهم شعراً ونثراً، فمدوا أرجلهم في وجوهنا، وقالوا مثل ما قال أبو حنيفة النعمان (رحمه الله): «الآن يمد أبو حنيفة رجله».

استمع أيها القارىء الكريم، وصفق بيديك حتى تحمرا، إذا كنت جاهلاً، يقول عاتق البلادي، وهو يخاطب (الوعل) أو (تيس الجبل):

عرفت لماذا حملت القرون = 3 1 3 2 3 2 3 1

سلاح وهبه الإله لكا = 3 ه 1 1 3 3 1 3

قرون تهز قلوب السبا = 3 2 3 1 3 2 3

ع فيارب ما اعظم أفضا لكا = 1 3 2 3 2 1 3 2 3

أظبي يذل ذوات النيو = 3 2 3 1 3 2 3

ب فيا ناب ول أولى لكا = 1 3 2 3 2 2 3

وليت لنا مثل هذه القرو = 3 1 3 2 3 2 3

ن نذل عدونا إذلالكا = 1 3 1 3 3 2 2 3

ولكن جممنا فهبنا الحرو = 3 2 3 2 3 2 3

ب فهنا على الأسبع أمثالكا = 1 3 2 3 2 1 3 2 3

وهي مقطعة مكونة من خمسة أبيات، لم يسلم منها بيت واحد عروضياً على رداءتها وركاكتها، كما لم تسلم بعض أبياتها من خطأ الإعراب، ومخالفة وجه الصواب في النحو، يقول عاتق البلادي (غفر الله له): (عرفت لماذا حملت القرون سلاح). وكان عليه أن يقول: (لماذا حملت القرون سلاحا) حين يخاطب (الوعل). فينصب سلاحا على الحال، كما هو معروف عند تلامذة المرحلة الابتدائية، وعليه أن يقول أيضاً: (قرونا تهز قلوب السباع) فينصب قروناً في مقطعته بدلاً من القرون في قوله: (حملت القرون) وهذا ما علمناه تلامذتنا في المرحلة الابتدائية، منذ سنين مضت، حينما كان التعليم بخير. قال الله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم} فالصراط الثانية منصوبة، لوقوعها بدلاً من كلمة (الصراط الأولى).

واستطرد في الحديث لأشير إلى قصة وقعت لأحد علماء المسلمين من بيت الرافعي، سكان طرابلس لبنان ومصر، وبيت الرافعي أسرة تنتسب إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بإجماع علماء الأنساب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير