تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإني أسألكم أيها القراء، هل هذا شعر؟ وكيف لانخجل من إخراجه وتدوينه في كتاب يتلى على الناس؟ لقد قتلت الشعر أيها البلادي، ووأدته في حفرة لاقرار لها، وحاصرت نفسك بهذا الشعر الرديء. أبياتك هذه أيها البلادي ركيكة، ومعانيها هشة متردية، لاتخرج عن كتابة من يريد أن يلحق الأذى بلغة الضاد الشاعرة، وأوضح له، وأضع أبياته على المحك، فأقول: إن أبياتك (وأسميها أبياتاً تجاوزاً) من البحر البسيط البحر الثالث من دائرة المختلف، وأجزاؤه ثمانية أجزاء من (مستفعلن = 2 2 3) (فاعلن = 2 3) المكررة أربعاً، وله ثلاث أعاريض، وستة أضرب. والبيت الأول منها ضربه (مقطوع) (فعلن = 2 2) بسكون العين. وأما عَروضه فلا تظهر لي في الشطر من البيت المكسور (قالوا ترافق خلان فاتفقوا)، ولكني أستطيع أن أقول: إن عروض هذه الأبيات الثلاثة (مخبونة) (فعلن= 1 3) بتحريك العين، لسلامة الشطر الأول من البيت الثاني، ولسلامة الشطر الأول من البيت الثالث، غير أنني أصطدم بكسر الشطر الثاني من البيت الثالث، وأصطدم بتغيير الأبيات من الضرب المقطوع (فعلن = 2 2) بسكون العين، إلى الضرب المخبون (فعلن = 1 3) بتحريك العين. وهذا عمل رديء، يذهب برونق الشعر وايقاعه وجماله، إذا كان في هذه الأبيات (أبيات البلادي) رونق وجمال.

وأين الجمال والإيقاع في شطر البيت: (طوع مؤدب يحمل كامل الثقل).

وأسميه شطراً من البيت تجاوزاً، والصواب أن أقول: إنها جملة من الكلام، لاتخضع لقواعد الشعر، وقد أصابها الكسر في عمودها الفقري، كما أصاب الكسر جملة (قالوا ترافق خلان فاتفقوا)، وأصابها أيضاً الخطأ في الإعراب، فالصواب أن يقول: قالوا ترافق خلان فاتفقا) وليس الشاهد في الآية الكريمة من سورة الحج: «هذان خصمان اختصموا في ربهم» يصلح للتمحل لتسويغ هذا الخطأ .. وانظر: إعراب هذه الآية الكريمة في الكتب المخصصة لإعراب القرآن الكريم.

وللفائدة: فالخصم، المخاصم (يستوي فيه المذكر والمفرد وفروعهما) وفي التنزيل «وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب» فهو جمع،. والخصم في علم الحساب: الحُطيطة، والخصم مولدة، وهي مايحط من جملة الحساب، فينقص منه وجمعه: حطائط.

واستعمل عبدالله بن المقفع في كتابه (كليلة ودمنة) جملة: (وطالب الباطل مخصوم) أي مغلوب، وهذا لم يرد في معاجم اللغة .. وانظر: (من معجم عبدالله بن المقفع للدكتور إبراهيم السامرائي - رحمه الله - ص 78 طبعة بيروت سنة 1404ه

ونحمد الله أن هذه القصيدة- إن كانت قصيدة - بأبياتها التي أربت على العشرة، المنشورة في كتاب الكتبي (رجال من مكة) لم تنشر إلا لنترحم على الشاعر العربي الكبير أمين ناصر الدين، الشاعر اللبناني المعاصر لأحمد شوقي، وحافظ ابراهيم الذي قال:

يامن يرى اللغة الفصحى وقد نكبت

بكل دهياء ردت نورها ظلما

هوت من الذروة العليا وبث لها

شر الغوائل قوم ضيعوا الهمما

تخالهم عرباً حتى إذا نطقوا

في الناس أوكتبوا لم يفضلوا العجما

فتلك أشعارهم ساموا البيان بها

مذلة واهانوا الطرس والقلما

ثم أنتقل مرة أخرى إلى كتاب (هديل الحمام) للبلادي، فأقرأ له:

(المستغني عنه) و (المساك) بتشديد السين، و (المتملقون)، و (مفارقات)، وغير ذلك من الكلام الذي سماه البلادي شعراً في كتابه، وحق له ذلك، لأن الكتاب كتابه، والدار داره، ولا يعفيه قوله في تصدير شعره للقراء، حيث قال: «ولأنه يزعم أنه شاعر، فاكتفيت بإيراد شيء من شعره» وهو يريد بهذا القول أن يتبرأ من ركاكة شعره وقرزمته، ونسي البلادي- عفا الله عنه- أن أكثر ماتستعمل كلمة (زعم) فيما كان باطلاً أو فيه ارتياب.

ورحم الله شعراءنا الكبار المبدعين المفلقين: العواد والسرحان والفقي وشحاتة والزمخشري وقنديل، وغيرهم من الشعراء الكبار، وحفظ الله لنا نظراءهم: إبراهيم العواجي وغازي القصيبي ومحمد الفهد العيسى والدبل والبهكلي والصحيح وسعد الحميدين وأحمد الصالح (مسافر) وعبدالله باشراحيل والثبيتيين: عياد عيد ومحمد عواض، وسيعفو عني أحبائي الشعراء الكبار ممن تجاوزت عن ذكر أسمائهم، وقد بلغت من العمر ماينسيني.

الأرقام وما بين [القوسين] مني - خشان


http://www.alriyadh.com/2004/12/23/article2784.html

http://www.alriyadh.com/2004/12/23/article2784.html

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير