تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(3) الأولى تمتزج فيها اللغة بالعواطف فلا يحسّ المتكلم أنه يعبر عن عواطفه تعبيراً صادقاً إلاّ بها. فهي التي ينفّس بها عن غضبه، ويبث فيها لواعج شوقه وحبه وحنينه.أما اللغة الثانية فتبقى في المكان الثاني من حيث التعبير العاطفي، وقلَّ بل ندرَ من وصل باستخدامها إلى مستوى اللغة الأولى في هذا المجال.

(4) الأولى يكون فهم العبارات فيها أدقّ وقريباً جداً بل ومتطابقاً مع ما أراده المتكلم أو الكاتب، بينما لا يكون كذلك باللغة الثانية.

(5) الأولى يكون إتقانها كاملاً بكلّ تفاصيلها (النحوية والصرفية)، بينما يظلّ هناك نقص، باللغة الثانية، ولو كان ضئيلاً.

(6) الإحساس بجمال اللغة وبلاغتها وحلاوتها يكون باللغة الأولى تلقائياً ودون الحاجة إلى شرح، بينما يحتاج باللغة الثانية إلى شرح وتعليل يفقدانه الكثير من قيمته.

(7) الزمن المخصص لإتقان اللغة بالطريقة الأولى لا يمكن أن يفعل فيه الطفل شيئاً آخر، بينما تعلّم اللغة بالطريقة الثانية [بعد سن السادسة] يحتاج إلى زمن أطول يمكن الاستفادة منه لتخصيص زمن أطول للموادّ الأخرى.

(8) تتدخّل اللغة الأولى بشكل سلبيّ في عملية تعلّم اللغة الثانية [بعد السادسة] في مجالات التراكيب اللغوية .. والمفاهيم المعرفية.

(9) الطريقة الأولى تمكن الطفل من اكتساب أكثر من لغةٍ في آنٍ واحدٍ دون إرهاقٍ بينما لا يتمكّن

الطالب بعد السادسة من تعلّم أكثر من لغةٍ في آنٍ واحدٍ.

2 - واقع التلميذ العربي في ضوء الأساس النظري:

يدخل التلميذ العربي إلى المدرسة وقد أتقن العامية في سن القدرة اللغوية الهائلة للدماغ على اكتساب اللغات، أي أنه تزوّد باللغة التي يفترض أن يكتسب بها المعارف المختلفة وذلك بحسب طبيعته وتكوينه، إلا أنه يفاجأ بأن لغة المعرفة ليست اللغة التي تزوّد بها وإنما هي لغة أخرى لا بدّ له أن يتعلمها ويتقنها لكي يتمكن من فهم المواد المعرفية الأخرى.

يقع التلميذ العربي في أسوأ وضع يمكن أن يكون فيه تلميذ، وهو وضعٌ يمكن أن يوصف بأنه معاكس لطبيعة الخلق، لأن التلميذ يكون قد بدأ يفقد القدرة الدماغية الهائلة على تعلّم اللغات ولذا لا بدّ أن يتعلم المعرفة بهذه اللغة التي لم يتقنها بعد. وإذا قارنا وضعه بوضع التلميذ الإنجليزي مثلاً نجد أن التلميذ العربي عليه أن يتعلم المعرفة ولغة المعرفة في آنٍ واحدٍ، وزاد الأمر سوءاً أن لغة التواصل العادي ولغة شرح المواد العلمية جميعها هي اللهجة العامية (الدارجة) وأن الطالب لا يمارس الفصحى إلا عندما يقرأ أو يكتب، أما المعلم فليس في وضع أفضل إطلاقاً، لأنه يشرح المادة العلمية بالعامية لعدم إتقانه الشرح بالفصحى من جهة ولكي يضمن فهم الطلبة لهذه المادة من جهة أخرى. وأما الطالب المظلوم فيطلب منه الرجوع إلى الكتاب المكتوب بالفصحى، وأن يقدم الامتحان بالفصحى أيضاً. وتكون النتيجة أن يظلّ المعلم يشكو من عدم فهم تلاميذه ومن ضعف أدائهم المعرفي اللغوي وأن يظلّ التلاميذ يشكون من صعوبة اللغة العربية وفهم المواد الأخرى المكتوبة بهذه اللغة.

وقد نشأت نتيجة لذلك أوضاع تربوية بدأت تظهر لها انعكاساتٌ سلبيةٌ خطيرةٌُ يمكن إيجازها بما يلي:

(1) يستمع الطالب إلى شرح المادة العلمية بالعامية وعندما يحاول الرجوع إلى الكتاب يجد أن فهمه للمادة محدود فيلجأ إلى المدرس الخصوصي ليشرح له المادة مرةً أخرى.

(2) بعد أن يفهم الطالب المادة العلمية يجد صعوبة في التعبير عنها كتابةً في الامتحان , لذلك يلجأ إلى حفظ المادة غيباً وأحياناً دون فهم، وبما أن حفظ الكتاب كله مستحيل لذلك يلجأ إلى الملخّصات يحفظها ويتقدم إلى الامتحان.

(3) نتيجة لذلك تتكون لدى الطالب اتجاهاتٌ سلبيةٌ نحو الكتاب فيتخلّص منه بعد أداء الامتحان ولا يحتفظ به للانتفاع والمراجعة فيما بعد.

(4) تتكون لدى الطالب العربي اتجاهاتٌ سلبيةٌ نحو القراءة والمطالعة باللغة العربية، وقد برز هذا واضحاً في شكاوى الناشرين الذين لا يطبع أحدهم من الكتاب إلاّ عدداً محدوداً من النسخ لا يتجاوز ثلاثة آلاف نسخة، وما شذّ عن ذلك إلاّ قليل، وهذا القليل هو كتبٌ مقررةٌ في المدارس أو الجامعات.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير