(8) نتيجة لحفظ المادة العلمية عن ظهر قلب ودون فهمٍ عميقٍ يكون النموّ المنطقي والمعرفي محدوداً، وهذا ينعكس على تدني مستوى الحكم على الأمور، والفشل في حل المشكلات حلاً نافعاً يكون في مصلحة الفرد والأمّة.
(9) كان من نتيجة ذلك أيضاً كره اللغة العربية، وهذه كارثة تصيب الأمّة في الصميم.
(10) التردّد الواضح بل الرفض لتعليم الطب والهندسة في الجامعات العربية باللغة العربية، وهو نتيجة لوضع اللغة العربية الحالي والضعف العام في أداء الطلبة بهذه اللغة.
(11) يمكن أن يُعزى الضعف العام في الرياضيات إلى ضعف الأداء باللغة العربية الفصحى عند الطلبة (تميم 1996).
3 - التطبيق العملي للحلّ:
بناءً على ما تقدّم من وصف المشكلة والأساليب المتّبعة حاليّاً لحلّها , والواقع الحالي الذي يدلّ على بقاء المشكلة وتفاقمها , والعرض العلمي للنظريات الخاصّة بتعلّم اللغات بدأتُ بتطبيق الحلّ الذي اقترحته وهو:
(استغلال القدرة الفطريّة لدى الأطفال لإكسابهم اللغة العربية الفصحى قبل سن السادسة)
وقد اتخذ هذا التطبيق ثلاثة أشكال:
(1) تجربة باسل:
بدأتُ تجربة باسل بعد ولادته في 29/ 10/1977م بأربعة أشهر. بدأتُ أخاطبه باللغة العربية الفصحى مع تحريك أواخر الكلمات، وطلبتُ من والدته أن تخاطبه بالعامية. بدأ باسل يستجيب للفصحى فهماً عندما كان عمره عشرة أشهر، وعندما بدأ بالنطق صار يوجّه لأمه الكلام بالعامية ويوجّه إليّ الكلام بالفصحى، وقد سجلت كثيراً من كلامه على أشرطةِ تسجيلٍ بلغت اثني عشر شريطاً.
عندما بلغ باسل الثالثة من العمر أصبح قادراً على التواصل بالفصحى المعربة دون خطأ , وله شريط فيديو مسجلٌ ظهر على تلفزيون الكويت منذ أن كان عمره ثلاث سنوات وخمسة أشهر.
نجحت تجربة باسل وكتبتُ عنها بحثاً علمياً ألقيتُه في ندوة الإبداع الفكري الذاتي في العالم العربي المنعقدة في الكويت من 8 إلى 12 مارس 1981م، وقد نشرتُ بحثاً في مجلة جامعة دمشق، حزيران (يونيه) 1986م بعنوان " الإبداع واللغة العربية في المناهج الدراسية " تحدثتُ فيه أيضاً عن نجاح تجربة باسل.
ولقد كررت التجربة على ابنتي (لونه) التي تصغر باسلاً بأربعة أعوام، ونجحت كذلك نجاحاً تاماً , وقد سجلت كلامها على أشرطة تسجيل منذ أن كان عمرها سنةً ونصفاً. وحتى الآن نحن الثلاثة في البيت نتكلّم بالفصحى فيما بيننا ونكلّم أفراد الأسرة الآخرين بالعامية تلقائياً.
دخل باسل ولونه إلى المدرسة وكان لإتقانهما الفصحى قبل السادسة أثر عجيب على مدى حبّهما للكتاب وإتقانهما للعلم، لقد اكتشفا أن الكتاب يتكلم لغتهما فصارا صديقين للكتاب، وبهذا أصبحا قارئين ممتازين، أتقنا التعلّم الذاتي واتقنا الرجوع إلى الكتاب، وتفوقا في المواد العلمية كلها، وتكون لديهما إحساسٌ راقٍ بجماليّة اللغة.
(2) دار الحضانة العربية الكويت:
تأسّست دار الحضانة العربية في الكويت في 17/ 9/ 1988م، وكانت الغاية من تأسيسها إكساب الأطفال الفصحى بالفطرة، وقد قمت بتدريب المعلّمات بحيث أصبحن قادراتٍ على استخدام اللغة العربية الفصحى طوال اليوم المدرسي , وقد نجحت الفكرة نجاحاً مذهلاً , وأصبح الأطفال بعد ستة شهور يتكلمون الفصحى , وقد كتب عن دار الحضانة العربية أكثر من أربعين استطلاعاً وخبراً صحفياً.
(3) روضة الأزهار العربية - دمشق - سوريا:
* تأسست روضة الأزهار العربية في 17/ 10 /1992م.
* هدفت إلى تعليم الفصحى للأطفال بالفطرة قبل سنّ السادسة وذلك باعتمادها لغة التواصل طوال اليوم المدرسي.
* نجحت الفكرة أيضاً نجاحاً عظيماً فاق توقعاتنا تماماً كما نجحت في الكويت.
* زار روضتَنا حتى الآن أكثر من خمسين مربياً وباحثاً من (سوريا والأردن والسعودية ومصر وليبيا والمغرب والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) وقد سجل جميعهم انطباعاتهم مؤكّدين نجاح الفكرة ومؤيّدين لتعميمها.
* لدينا أشرطة فيديو تصوّر أطفالنا وهم يتكلمون بالفصحى ويتحاورون مع معلماتهم.
* ثبت لدينا أن الأطفال استطاعوا إتقان الفصحى جنباً إلى جنب مع اللهجة العامية: الأولى في المدرسة والأخرى خارج المدرسة.
¥