تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن يعارض دليلهم بنظير ما قالوه، فيقال: إذا تعارض العقل والنقل وجب تقديم النقل، لأن الجمع بين المدلولين جمع بين النقيضين، ورفعهما رفع للنقيضين، وتقديم العقل ممتنع، لأن العقل قد دل على صحة السمع ووجوب قبول ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو أبطلنا النقل لكنا قد أبطلنا دلالة العقل، وإذا أبطلنا دلالة العقل لم يصح أن يكون معارضا ً للنقل؛ لأن ما ليس بدليل لا يصلح لمعارضة شيء من الأشياء، فصار تقديم العقل على النقل قدحا ً في العقل بانتفاء لوازمه ومدلوله، وإذا كان تقديمه على النقل يستلزم القدح فيه، والقدح فيه يمنع دلالته، والقدح في دلالته يقدح في معارضته، كان تقديمه عن المعارضة مبطلا ً للمعارضة. [35] ( outbind://1-0000000032391AE8968F9D46A7224DBCFDF9CCC3E40D2000/#_ftn35)

ـ الآثار المترتبة على تقديم العقل على الشرع:

1 ـ أن في هذا قدح في وحي الله تعالى، لأن لازمه أن يكون الله تعالى قد أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم وحيا ً لا يفيد اليقين، بل يفيد الظن والظلال ـ على مذهبهم ـ، فكان ترك الناس في الجاهلية أفضل لهم من رسالة لا تفيد اليقين ولا تأتي إلا بالحيرة والشك.

2 ـ أن في هذا المذهب قدح في بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبليغيه الوحي عن الله، حيث جاء بما يخالف العقل، وظاهر ما أخبر به عن ربه عز وجل يلزم منه الكفر.

3 ـ أن هذا المذهب يؤدي إلى اسقاط حرمة النصوص الشرعية عن الكتاب والسنة، ويذهب هيبتها من قلوب الناس، وإذا سقطت هذه الهيبة لن تعظم النصوص، ولن يعمل بها، زد على هذا إذا كانت ظنية فلن يحتج بها أحد، ولن يتحاكم الناس إليها، ولن يحكم بشرع الله، ويلزم من هذا تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله، وتقديم الدساتير والأنظمة الوضعية على الوحي الإلهي والشرعية المحمدية.

4 ـ إن هذا المذهب يؤدي إلى فتح الطريق أمام كل زنديق ومنافق ليطعن في شرع الله تعالى، فلا يحتج عليه، فلو احتجيت من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم للجأ إلى هذا الطاغوت الذي أسقط به المتكلمون حجية صحيح المنقول. [36] ( outbind://1-0000000032391AE8968F9D46A7224DBCFDF9CCC3E40D2000/#_ftn36)

5 ـ ومن لوازم هذا المذهب الباطل ألا يكون فيما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، علم ولا هدى، بل إنه يمرض ولا يشفي، ويضل ولا يهدي، ويضر ولا ينفع، ويفسد ولا يصلح. [37] ( outbind://1-0000000032391AE8968F9D46A7224DBCFDF9CCC3E40D2000/#_ftn37)

وبهذا تنسف أصول الإيمان نسفا ً، وينكر الغيب أيضا ً بهذا المنهج، فلا يؤمن بالملائكة ولا عذاب القبر، ولا بالجنة والنار، فلا يعبد الله تعالى ولا يستعد ليوم حسابه، ويصبح أتباع هذا المنهج الخبيث من عامتهم لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه.

6 ـ مآل هذا المذهب إلى تعطيل الله سبحانه وتعالى من أسماءه وصفاته، وهذا المعطل قبل أن يعطل شبّه الله بخلقه لأنه لما توهم المشابهة قام بالتعطيل. [38] ( outbind://1-0000000032391AE8968F9D46A7224DBCFDF9CCC3E40D2000/#_ftn38)

فالمشبه بعد صنما، والمعطل يعبد عدما.

7 ـ أن مآل هذا المذهب أيضا ً التفويض، وجعْلُ بعض نصوص الشريعة ألغازا ً لا يفهم معناها.

[1] ( outbind://1-0000000032391AE8968F9D46A7224DBCFDF9CCC3E40D2000/#_ftnref1) ـ انظر درء تعارض العقل والنقل (1/ 17 وما بعدها)، مختصر الصواعق المرسلة ص 61 ومابعدها أيضا ً 83، 162. وانظر الأصول التي بنى المبتدعة مذهبهم في الصفات (1/ 125 - 296). وانظر موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة (1/ 347). وانظر منهج السلف والمتكلمين في موافقة العقل للنقل (1/ 131).

وانظر موقف ابن تيمية من الأشاعرة د. عبدالرحمن المحمود (2/ 818 - 834) وانظر بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (نقض أساس التقديس) لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/ 247) وانظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (6/ 452،643).

[2] ( outbind://1-0000000032391AE8968F9D46A7224DBCFDF9CCC3E40D2000/#_ftnref2) ـ التدمرية ص 69

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير