ومن هذا يتضح أن سبب تأليفه للرسالة في الأسباب التالية:
1ـ إجابة على سؤال.
2ـ مسيس الحاجة إلى تحقيق الأصلين: التوحيد والصفات، والشرع والقدر.
3 ـ كثرة الاضطراب في هذين الأصلين،حيث خاض كثير من الناس في الحق تارة،
وفي الباطل تارات.
4 ـ أن الطوائف المختلفة ـ أهل النظر، والعلم والإرادة والعبادة ـ لهم من الأقوال والأصول في هذين الأصلين ما يحتاجون معه إلى بيان الهدى من الضلال.
5 ـ ما يعتري القلوب من الشبه والخواطر.
·
موضوعات الكتاب:
الكتاب في مجمله يقرر الأصلين:
الأول: التوحيد والأسماء والصفات.
الثاني: الشرع والقدر.
وجاء هذا بأسلوب مفصل مشتمل على عدة موضوعات واستطرادات بين من خلالها شيخ الإسلام ما قصده من أسباب تأليفه للكتاب.
هذا وقد جاءت تلك الموضوعات على النحو التالي:
أولا ً: المقدمة
وقد جاء فيها: موضوع الكتاب، وسبب تأليفه، والفرق بين الشرع والقدر.
ثانياً: تكلم شيخ الإسلام عن قاعدة السلف في النفي والإثبات وهي:
أن الله سبحانه وتعالى يوصف بالإثبات المفصل والنفي المجمل.
ثم استدل لهذه القاعدة بأدلة كثيرة من القرآن الكريم.
ثالثا ً: ذكر الفرق التي ضلت في النفي والإثبات وبين مذاهبهم اجمالاً ثم رد عليهم.
رابعا ً: تحدث عن المسميات واتفاقها في المعنى العام دون التخصيص والإضافة، وأن الاتفاق العام يكون في الذهن لا خارجه، وإذا انسحب للخارج فلا بد من القطع والإضافة، وبين أن المعاني المختصة لا يمكن إثباتها وفهمها إلا بعد إثبات الاتفاق في المعنى العام، لأنه أصل المعنى، ونفيه تعطيل للمعنى كله، العام والخاص، واستشهد لهذا بأدلة كثيرة من القرآن الكريم.
خامسا ً: عقد فصلا ً جعل فيه أصلين لمناقشة المخالفين في الأسماء والصفات.
الأصل الأول: أن القول في الصفات كالقول في البعض الآخر.
الأصل الثاني: أن القول في الصفات كالقول في الذات.
وضرب لكل من الأصلين أمثلة مُوضحة لهما.
سادسا ً: ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ مثلين، أراد أن يبين من خلالهما أن الاتفاق في الاسم والمعنى العام بين صفات الخالق والمخلوقين لا يستلزم التماثل والمشابهة في المعنى الخاص عند القطع والتخصيص، هذان المثلان:
المثل الأول:
ضرب المثل بالعلاقة اللغوية بين ما في الدنيا وما في الجنة من الموجودات، مثل المآكل والمساكن والمراكب وغيرها، وأنها متفقة المعنى العام من الوجود، ومختلفة في الكنه والحقيقة بعضها عن بعض.
المثل الثاني:
ضرب المثل بالروح وأن لها صفات، فهي تروح وتجيء وتقبل وتدبر وتصعد وتنزل ويتوفاها الله، وكل واحد منا له روح، ومع ذلك لم يلزم من اشتراكها في هذه الصفات كون كل روح هي الأخرى.
ووضح أيضا ً أن ما دام أن هذه الروح موجودة ومتصفة بصفات لا تعلم حقيقتها، فالله سبحانه وتعالى ـ ولله المثل الأعلى ـ له صفات حقيقية تليق بجلاله وعظمته، ولاكن لا نعلم كيفيتها.
سابعا ً:
ثم ختم شيخ الإسلام الأصل الأول (التوحيد والأسماء والصفات) بذكر سبع قواعد لمناقشة أهل التعطيل، والتفويض، والتمثيل والتشبيه، وهي:
القاعدة الأولى: أن الله سبحانه موصوف بالإثبات خلافاً للمعطلة، وموصوف بالنفي خلافاً للمشبهة الممثلة.
وبين أن نفي الصفة يستلزم ثبوت كمال الضد، مثل نفي الظلم يستلزم كمال العدل.
القاعدة الثانية: أن ما أخبر به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ربه فإنه يجب الإيمان به، سواء عرفنا معناه أو لم نعرف.
ثم بين أن الألفاظ المجملة، مثل: الحيز، والجهة لا بد من الاستفصال عنها، فإن أريد بها التشبيه رد المعنى واللفظ، وإن أريد أن الله متصف بصفات قبل المعنى ورد اللفظ، لأنه لفظ حادث لم يرد في القرآن ولا في السنة.
القاعدة الثالثة:
إذا قال القائل: ظاهر النصوص مراد أو ظاهرها ليس بمراد؟
فإنه يقال: لفظ (الظاهر) فيه إجمال واشتراك، فإن كان القائل يعتقد أن معنى الظاهر هو أن الله متصف بصفات هذا حق.
وإن كان القائل يعتقد أن ظاهرها التمثيل بصفات المخلوقين أو ما هو من خصائصهم، فلا ريب أن هذا غير مراد.
ثم بين رحمه الله وجه غلط من جعل ظاهر نصوص الصفات التمثيل.
القاعدة الرابعة:
¥