تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والثاني من يسلك في العقليات مسلك الاجتهاد ويغلط فيها كما غلط غيره، فيشارك الجهمية في بعض أصولهم الفاسدة مع أنه لا يكون له من الخبرة بكلام السلف، والأئمة في هذا الباب ما كان لأئمة السنة، وإن كان يعرف متون الصحيحين وغيرهما، وهذه حال أبي محمد بن حزم، وأبي الوليد الباجي، والقاضي أبي بكر بن العربي وأمثالهم، ومن هذا النوع بشر المريسي، ومحمد بن شجاع الثلجي، وأمثالهما.

ونوع ثالث سمعوا الأحاديث والآثار وعظموا مذهب السلف وشاركوا المتكلمين الجهمية في بعض أصولهم الباقية، ولم يكن لهم من الخبرة بالقرآن، والحديث والآثار ما لأئمة السنة والحديث لا من جهة المعرفة والتمييز بين صحيحها وضعيفها، ولا من جهة الفهم لمعانيها، وقد ظنوا صحة بعض الأصول العقلية للنفاة الجهمية ورأوا ما بينهما من التعارض، وهذا حال أبي بكر بن فورك، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل، وأمثالهم.

وقال في درء تعارض العقل 7/ 263

وهذا قول ابن حزم، وأمثاله ممن وافقوا الجهمية على نفي الصفات وإن كانوا منتسبين إلى الحديث والسنة.

وقال في النبوات 1/ 129: فقالت طائفة: لا تخرق العادة إلا لنبي. وكذّبوا بما يذكر من خوارق السحرة والكهان، وبكرامات الصالحين. وهذه طريقة أكثر المعتزلة وغيرهم كأبي محمد بن حزم، وغيره.

وفي الفتاوي 22/ 482

الحمد لله هذا القول [ليس لله إلا تسعة وتسعين اسما]، وإن كان قد قاله طائفة من المتأخرين كأبي محمد ابن حزم وغيره، فإن جمهور العلماء على خلافه، وعلى ذلك مضى سلف الأمة، وأئمتها وهو الصواب لوجوه.

قال ابن حزم في مراتب الإجماع ص12 - 15:

وإنما نعني بقولنا العلماء من حفظ عنه الفتيا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وعلماء الأمصار وأئمة أهل الحديث ومن تبعهم رضي الله عنهم أجمعين.

ولسنا نعني أبا الهذيل ولا ابن الأصم ولا بشر بن المعتمر ولا إبراهيم بن سيار ولا جعفر بن حرب ولا جعفر بن مبشر ولا ثمامة ولا أبا [عفان] ولا الرقاشي ولا الأزارقة والصفرية ولا جهال الإباضية ولا أهل الرفض فإن هؤلاء لم يتعنوا من تثقيف الآثار ومعرفة صحيحها من سقيمها ولا البحث عن أحكام القرآن لتمييز حق الفتيا من باطلها بطرف محمود بل اشتغلوا عن ذلك بالجدال في أصول الاعتقادات ولكل قوم علمهم

ونحن وإن كنا لا نكفر كثيرا ممن ذكرنا ولا نفسق كثيرا منهم بل نتولى جميعهم حاشا من أجمعت الأمة على تكفيره منهم.

قلت: الحقيقة تعجب من كلامه رحمه الله لا تكفير، ولا تفسيق، وتولي لجميعهم ما هذه الرقة لأهل البدع، أين تلك الشدة المعهودة؟!

إلى أن قال:

ولسنا نخرج من جملة العلماء من ثبتت عدالته وبحثه عن حدود الفتيا، وإن كان مخالفا لنحلتنا بل نعتد بخلافه كسائر العلماء ولا فرق كعمرو بن عبيد ومحمد بن إسحاق وقتادة بن دعامة السدوسي وشبابة بن سوار والحسن بن حيي وجابر بن زيد ونظرائهم وان كان فيهم القدري والشيعي والإباضي والمرجيء؛ لأنهم كانوا أهل علم وفضل وخير واجتهاد ـ رحمهم الله ـ وغلط هؤلاء بما خالفونا فيه كغلط سائر العلماء في التحريم والتحليل ولا فرق.

قلت: وهذا خلط بين من نسب لبدعة هو منها بريء، وبين من تاب ورجع، وبين من هو من رؤوس الاعتزال.

قال الشيخ سليمان بن عبد الله في شرح كتاب التوحيد 1/ 546

[في شرحه لحديث يؤذيني ابن آدم يسب الدهر .. وراجعه هناك]

فقد تبين بهذا خطا ابن حزم في عده الدهر من أسماء الله الحسنى، وهذا غلط فاحش، ولو كان كذلك لكان الذين قالوا: (وما يهلكنا إلا الدهر) مصيبين!

قال العلامة ابن عبد الهادي في طبقات علماء الحديث 3/ 349: [بعد أن أثنى عليه بما يستحق نقلا، وإنشاء]

أبو محمد ابن حزم من بحور العلم له اختيارات كثيرة حسنة وافق عليها غيره من الأئمة، وله اختيارات انفرد بها في الأصول، والفروع وجميع ما انفرد به خطأ، وهو كثير الوهم في الكلام على تصحيح الحديث، وتضعيفه، وعلى أحوال الرواة.اهـ

وثم قال ابن عبد الهادي أيضا 3/ 350:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير