تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نشأ حزب التحرير على الطريقة التي نشأ عليها غيره من التأصيل الحماسي العاطفي، وجعل مسألة عودة الخلافة الإسلامية شعاراً، بل عقيدة تطغى على العقيدة، وبنى برنامجاً سياسياً زعم أنه يجب أن لا يزيد على ثلاث عشرة سنة وبعدها يتسلم الخلافة، لكنه لم يراع بناء المنهج على أساس تربوي أخلاقي، وإنما على بنيان سياسي بحت، وكادت كتب الحزب تخلو من الدعوة إلى الصدق والورع والتقوى والإخلاص، والتحذير من الشرك ووسائله ومداخله التي هي أكثر موضوع القرآن، وتخلو من التحذير من أصناف المعاصي التي هي بدورها من أسباب فقدان الخلافة.

ويبدو أن الحزب قد حدد مهمته فقط في نشر الأفكار دون تطبيقها، فتطبيق الأفكار موكول إلى الدولة التي يعمل الحزب لإقامتها .. من هنا لا يرى الحزب القيام بأي عمل من أعمال الدعوة إلى الصلاة أو الصيام لأن ذلك - حسب الدوسية - من مهام الخلافة الإسلامية التي لم تقم.

عزلة

- إن الحزب اليوم معزول عن الناس إلى درجة القطيعة، فإنه لا يمتلك مرجعيات علمية يلتف من حولها الناس، وإنما كل شؤون الدين معطلة مرهونة بقيام الخليفة واستعادة منصب الخلافة.

- ولا تكاد تجد آثار السنة ظاهرة على المنتمين للحزب، فإذا سئلوا عن تخليهم عن مظاهر السنة بادروك إلى أن الشيء المهم الآن هو العمل لعودة الإسلام إلى الحكم، وأنه لا مجال الآن للكلام عن محقرات السنن وقشور الإسلام!!

وكتبهم يغلب عليها القواعد الأصولية والنظريات السياسية وتمجيد العقل، ويلاحظ عليهم كثرة اهتمامهم بأصول الفقه بما يفوق اهتمامهم بأصول العقيدة.

- وإذا تكلموا في الدين مجدوا العقل وشككوا في نصوص الشريعة حتى قال أحد قادتهم: كل نص شرعي فهو غير قطعي، بل ظني الدلالة، وما من آية من آيات القرآن إلا وقد اختلف في تفسيرها .. ولما قيل له: -أفي الله شك؟ سكت ولم يجب بشيء.

فشل

ولقد فشل الحزب في الدول الإسلامية وعجز عن أن يحقق أهدافه ولم يعد ثم أمل من أن تقوم له قائمة بعد أن حدد مدة ثلاث عشرة سنة لإعادة الخلافة وفشل في إعادتها في المدة التي حددها، وكان قد أكد أن استعادة الخلافة يجب أن لا تحتاج إلى عشرات، بل لابد أن ينتج حتماً على يد الجيل نفسه الذي يقوم به هذا التثقيف.

فطبيعة الحزب التعجلية وعدم ربط نظرياته حول الخلاف بالواقع الصعب سارع في رصده وكيل الضربات المتتالية له حتى تسبب في اقتياد زهرة الشباب المخلص، إما إلى السجن أو النفي أو القتل، وهي نتيجة كل عمل يتأسس على بنيان العاطفة والحماس المستقل عن الانضباطية بضابط الشرع والمجرد من الصبر والتأني والحكمة، والآن يتخذ تحالفات مخالفة للمنهج مع طوائف تقف موقف العداء من السنة.

أضف إلى ذلك أن الحزب كان يفتقر إلى تطبيق النظريات والمبادئ الفكرية التي كان يدعو إليها، مما أسهم في انفضاض العديد من المنتمين إليه.

- وظن حزب التحرير أنه يمكنه الوصول إلى سدة الحكم عن طريق تغيير انقلاب فكري وحدد الفترة بربع قرن على الأكثر، ولكنه لم يحقق شيئاً من ذلك، فانسحب كثير من أعضائه وعلموا أنهم أضاعوا الوقت في أماني وفي وضع القوانين وإصدار التعليمات لدولة غير موجودة، بل وقد شكك آخرون بأهداف الحزب وغاياته، معتبرين أن قيامه كان مدبراً بغرض بلبلة أفكار المسلمين، حيث إن النتائج النفسية المقصودة هي تدمير نفسية هؤلاء الذين يجتذبهم الحزب لفترة من الزمن، ثم لا يلبث أن يلفظهم عناصر شوهاء معدومة الإنتاج مذبذبة التفكير صدمها الواقع المرير واحتارت بعد أن قام مبدأ حزبها على البحث عن النتيجة والتساهل في المحافظة على أسباب التمكين ووسائله، وهي إقامة الدين بتفاصيله ونشر العلم بالتعلم والتعليم.

وتلقت التنكيل والتعذيب لأسباب لا تتصل بالأسباب التي اضطهد من أجلها السلف الأوائل.

الحزب يتناقض مع مبادئه

وكان الطريق الأقرب منه في نظرهم الدخول في برلمانات لا تحكم الإسلام ولا تعتبره، فقد رشح الحزب نائباً عنه في مجلس البرلمان اللبناني وهو الأستاذ علي فخر الدين ليصبح عضواً في مجلس النواب اللبناني.

كذلك رشح الحزب الشيخ أحمد داعور >من قلقيلية بفلسطين وعالما من خريجي الأزهر< نائباً عنه في البرلمان الأردني في الخمسينات، ثم ما لبث أن حكم عليه بالإعدام بعد الكشف عن محاولة الحزب للاستيلاء على النظام الحاكم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير