الثبوت: بمعنى أن تكون تلك المعاني مجزوماً بتحققها أو مظنوناً بوجودها ظناً قريباً من الجزم.
الانضباط: أي أن يكون للمقصد الشرعي حدّ معتبر وقدر معين لا يتجاوزه، فلا يؤدي إلى وقوع الحرج المرفوع شرعاً أو نفور المكلف من التشريع أو التقصير في آداء التكاليف مما يؤدي إلى ضعف الوازع الديني في النفوس وفقدان الشريعة لهيبتها وسلطانها على الخلق.
الاطراد: بمعنى أن لا يكون المعنى مختلفاً باختلاف أحوال الأفكار والقبائل والأعصار.
وما نص عليه الطاهر بن عاشور من الشروط لاعتبار المقاصد قد سبقه إلى ذكرها الشاطبي إضافة إلى أمور أخرى عامة لازمة أيضا في الاعتبار، لعل من أبرزها مايلي:
- المقصد الشرعي من وضع الشريعة هو: إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبداً لله اختياراً كما هو عبد لله اضطراراً [8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn8).
- الأصل في العبادات بالنسبة إلى المكلف التعبد دون الالتفات إلى المعاني، والأصل في أحكام العادات الالتفات إلى المعاني [9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn9).
- مشقة مخالفة الهوى ليست من المشقات المعتبرة في التكليف ولا رخصة فيها ألبتة [10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn10).
- العزيمة أصل والرخصة استثناء، ولهذا فالعزيمة مقصودة للشارع قصداً أصلياً، أما الرخصة فمقصودة قصداً تبعياً [11] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn11).
– لم يقصد الشارع إلى التكليف بالشاق والإعنات فيه [12] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn12)، ولا نزاع في أن الشارع كلف بما يلزم فيه كلفة ومشقة ما، ولكنه لا يقصد نفس المشقة، بل يقصد ما في ذلك من المصالح العائدة على المكلف [13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn13).
- إذا كانت المشقة خارجة عن المعتاد بحيث يحصل للمكلف فساد ديني أو دنيوي فمقصود الشارع فيها الرفع على الجملة [14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn14).
- من سلك إلى مصلحة غير طريقها المشروع فهو ساع في ضد تلك المصلحة [15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn15).
- علل الأحكام تدل على قصد الشارع فيها فحيثما وجدت اتُّبعت [16] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn16).
- إذا سكت الشارع عن أمر مع وجود داعي الكلام فيه، دل سكوته على قصده إلى الوقوف عند حد ما شرع [17] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn17).
- الاحتكام إلى لغة النص وقوانين خطابه وأصول المواضعة التي تعاهد عليها العرب [18] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn18)، وقد أكد على هذا الضابط جميع من يعتد به في علوم الشرع من السلف والخلف.
ـ الأمر بالفعل يستلزم قصد الشارع إلى وقوع ذلك الفعل، والنهي يستلزم القصد إلى منع وقوع المنهي عنه [19] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn19).
إن هذه الشروط والضوابط لاعتبار المقاصد هي لاشك ضوابط منهج النظر والاستدلال الصحيح بالخطاب الإسلامي ومدى موائمته للمتغيرات الراهنة من حيث كونه تجسيداً لتنزيل النصوص والقيم الدينية في واقع الحياة ومدى قدرتها على المعالجة والتبيين والإصلاح والتغيير. ويجدر التنبيه هنا إلى أن العمل بضوابط المقاصد هو العمل بالمقاصد نفسها، والتفويت فيها أو في ضابط منها هو عينه التفويت في ما جعله الشارع مرادًا لشرعه ودينه. فالضوابط في علاقتها مع المقاصد كالشرط مع المشروط والدليل مع المدلول، ويعلم بداهة وعقلاً أن المشروط متوقف على شرطه، وأن المدلول مبني على دليله، لذلك فإن المقصد متوقف على ضوابطه وجودًا وعدمًا، على أساس أن المقصد الذي أراده الشارع إنما قد اعتبره بوجه ما، وعلى وفق أمر ما، وذلك هو عين الضابط ونفس القيد في اعتبار المقصد من قبل الشارع الحكيم.
¥