تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من المهم أن نتجاوز في هذه الورقة لغة الشعارات الحضارية قبولاً أو رفضاً و ألاّ نقرأ هذه الفرضية في التجديد قراءة ذوقية. ومن المهم تماماً أن ندرك أن هذه الدعوة تحمل بعداً فكرياً يمثله معارضون للمنهج السني المحافظ بشكل كبير.

إن هذه الدعوة " تجديد أصول الفقه " في الأوساط الثقافية الفكرية المعاصرة المتمثلة فيما يسمي اليسار الإسلامي، و الاتجاه العقلاني الحر،والوسط الحداثي يرى رموز كل اتجاه فيها محاولة لتجاوز المسار المحافظ المعتدل في الوسط الثقافي بسلطة قانونية، وهنا يمكن أن نتصور أننا نتحرك في المسار التكويني التأسيسي المنهجي، ولسنا أمام قبول أو رفض التجديد و الإبداع.

في التقدير الشخصي فإن مشروع " تجديد أصول الفقه " لا يمكن أن يكون له قاعدة أولية يفضّل المصادقة عليها كفضيلة مجردة وهي " قبولية التجديد " هذه المبدئية فرضية ذهنية كلية لا تتجاوز إلى العقل التصوري. أي: أن تجزئة المشروع لا يمكن أن يكون له وضوح في التطبيق العلمي.

إن إعطاء حكم لدعوة تجديد علمية يرتبط بتصورين:

أ ـ معرفة السببية المطالبة بهذا التجديد.

ب ـ معرفة القدر الذي تتمتع به هذه الدعوة من حيث الإدراك و التصور و الفهم، أي: نسبة الوعي بهذا العلم في العقلية المطالبة.

وهنا يكون الحكم المنتج أكثر عدلية بين التراث و التجديد.

وهنا نقول: إن القاري لكتب أصول الفقه و التراث الأصولي و لا سيما في طوره الثاني بعد الشافعي الذي يعد الأخصب من حيث سعة التصنيف يدرك أن ثمت تركيباً علمياً في التكوين والبناء يصل أحياناً إلى حد الانعقاد، وترى أنه رسم بطريقة نظرية مرتبطة بالنص، والمذهبية الفقهية، والاتجاه العقدي، والصنعة الكلامية والمنطقية واللغة العربية و مادة من اللسانيات، وهذا التكوين جعل كثيرين حتى من المثقفين لا يتمتع بقدرة كافية لقراءة هذه المصنفات بإدراكية مناسبة، وصار هذا العلم ينغلق تفصيله على الكثير أو الأكثر لضعف الامتياز العلمي و الثقافي حتى إنك ترى في الأكاديميات العلمية المتخصصة جمعاً من المختصين في دراسة الفقه المذهبي أو المقارن ليس على علاقة متناسقة مع التصنيف الأصولي المذهبي أو المقارن كنظام يطبق بصورة بنائية ترتيبية. وهذا وإن كان له سببيات أخرى إلا أن هذا المؤثر أكثر وضوحاً، و ترى في المختصين بالدراسة الأصولية من لا يتمتع بملكة فقهية تطبيقية حسب قراءته الأصولية.

هذه الإشارة ليست نقداً يوجه للواقع الأكاديمي المتخصص بشكل مقصود لكنها محاولة قياسية لتقرير: أن الوسط الثقافي المطالب يواجه أزمة في سببية المطالبة، وأيضاً في الوعي الإدراكي العلمي الذي يواجه حتى المتخصص في الدراسة الأصولية.

ومن العدل و الإنصاف أن في التجمع المتخصص والثقافي قرّاء ذوي امتياز متقدم في التصور المعرفي لهذا العلم.

لكن حينما تكون المطالبة تواجه أزمة وعي معرفي بهذا العلم فهنا يمكن أن نتصور: أنها مطالبة ذوقية ذرائعية تقع عند كثيرين محاولة استجابة لتجاوز مرحلة من التكوين الفكري.

إن الكتابة في أصول الفقه بطريقة إبداعية يحتاج لثراء علمي، وهذا ليس إنتاجاً لطبيعة التصنيف الأصولي بل هو حقيقة ذاتية يتمتع بها هذا العلم وهنا يفترض لمن يحاول رسم مشروع علمي أصولي أن يراجع قاعدته العلمية بدرجة كافية!!.

و يمكن ألا نكون مبالغين في التشكيك بوجود تأهيل معرفي داخل كثير من الأوساط الفكرية المطالبة يمكن أن يمارس مصداقية معرفية في مشروعه المقترح إلا إن كان محور مشروعه تقويض البناء الأصولي!!!؟.

وحسب التقدير الشخصي فإن قراء التراث المعرفي بصورة تكاملية في هذه الأوساط لا يمثلون عددية تستطيع أن ترفع شعارات جادة في الوسط الثقافي المتحول.

وإذا كان العقل المدني المتحول يريد أن يعي ذاته، فمن الضروري أن يعترف بهذا الحق لكل من يتمتع به حتى ولو كان تاريخياً مارس حريته في مرحلة تاريخية فربما كان مؤهلا للاستمرارية،والوعي والحرية غير مرتبطة بالتسلسل التاريخي. فمن الصعب أن يفرض العقل المتحول سلطة على مساحة الرأي كلها. والعقل الإسلامي الوسطي المحافظ هو الأساس و الصانع لهذا الانتاج فمن المهم أن يمارس سلطته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير