عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ خَالِدٍ الضَّبِّيِّ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَخْطُبُ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: رَسُولُ أَحَدِكُمْ فِي حَاجَتِهِ أَكْرَمُ عَلَيْهِ أَمْ خَلِيفَتُهُ فِي أَهْلِهِ؟ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لِلَّهِ عَلَيَّ أَلَّا أُصَلِّيَ خَلْفَكَ صَلَاةً أَبَدًا، وَإِنْ وَجَدْتُ قَوْمًا يُجَاهِدُونَكَ لَأُجَاهِدَنَّكَ مَعَهُمْ. زَادَ إِسْحَقُ فِي حَدِيثِهِ قَالَ: فَقَاتَلَ فِي الْجَمَاجِمِ حَتَّى قُتِلَ.
رواهُ أبو داود (4642)، وقال العلامة الألباني في " ضعيف سنن أبي داود " (1007): ضعيف مقطوع.ا. هـ.
ولذلك الحافظُ ابنُ كثيرٍ في " البداية والنهاية " (9/ 137) احترز عندما نقل عنه هذا الكلام فقال: فإن صح هذا عنه فظاهرهُ كفرٌ إن أراد تفضيلَ منصبِ الخلافةِ على الرسالةِ، أو أراد أن الخليفةَ من بني أميةَ أفضلُ من الرسولِ.ا. هـ.
والأثر قد حكم عليه العلامةُ الألباني بالضعفِ كما مر.
ثانياً: الجرأةُ التي كان عليها الحجاجُ تطاولهُ على الصحابةِ، وسوءُ نظرتهِ للعلماءِ، وتعاملهِ معهم، ونقلنا جملةً من ذلك في المواضيعِ الماضيةِ، وكذلك ما قالهُ في حقِ قراءةِ ابنِ مسعودٍ عندما قال: " وَيَا عَذِيرِي مِنْ عَبْدِ هُذَيْلٍ يَزْعُمُ أَنَّ قِرَاءَتَهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا هِيَ إِلَّا رَجَزٌ مِنْ رَجَزِ الْأَعْرَابِ مَا أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَام ... ".
علق الإمامُ ابنُ كثيرٍ في " البداية والنهاية " (9/ 135): وهذا من جراءة الحجاج قبحه الله، وإقدامه على الكلام السيئ، والدماء الحرام. وإنما نقم على قراءة ابن مسعود رضي الله عنه لكونه خالف القراءة على المصحف الإمام الذي جمع الناس عليه عثمان، والظاهر أن ابن مسعود رجع إلى قول عثمان وموافقيه، والله أعلم.ا. هـ.
ورويت كلماتٌ شديدةٌ قالها الحجاجُ في حقِ الصحابي الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنها أوردها الإمامُ ابنُ كثيرٍ في " البداية والنهاية " (9/ 135) فمن ذلك:
1 - عن عاصم بن أبي النجود والأعمش، أنهما سمعا الحجاج - قبحه الله - يقول ذلك، وفيه: والله لو أمرتكم أن تخرجوا من هذا الباب فخرجتم من هذا الباب لحلت لي دماؤكم، ولا أجد أحداً يقرأ على قراءة ابن أم عبد إلا ضربت عنقه، ولأحكنها من المصحف ولو بضلع خنزير.
وفي سندِ هذه الروايةِ أبو هشام الرفاعي محمدُ بنُ يزيد. قال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه. وقال النسائي: ضعيف. وقال الترمذي: رأيتُ محمداً أبا هشام الرفاعي. وقال ابنُ حجر: ليس بالقوي.
2 – عن الأعمش يقول: والله لقد سمعت الحجاج بن يوسف يقول: يا عجبا من عبد هذيل، يزعم أنه يقرأ قرآنا من عند الله، واللهِ ما هو إلا رجز من رجز الأعراب، والله لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه.
رواه الحاكمُ في " المستدرك " (3/ 556)، وأورده ابنُ كثيرٍ في " البداية والنهاية " (9/ 135)، ولم يعزه ابنُ كثيرٍ إلى الحاكمِ وإنما قال: " وفي بعض الروايات: والله لو أدركت عبد هذيل لأضربن عنقه.ا. هـ.
وفي سندها أحمد بن عبد الجبار العُطَارِدي. قال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال مُطَّين: كان يكذب. وقال ابنُ عدي: رأيتُ أهلَ العراقِ مُجمعين على ضعفه. وقال الذهبي: ضعفه غيرُ واحدٍ.
3 - عن مسلم بن إبراهيم، ثنا الصلت بن دينار، سمعتُ الحجاجَ على منبرِ واسط يقولُ: عبدُ الله بنُ مسعود رأسُ المنافقين لو أدركته لأسقيتُ الأرضَ من دمهِ.
رواه الخلالُ في " السنة " (855)، وأورده ابنُ كثيرٍ في " البداية والنهاية " (9/ 135).
وفي سنده الصلتُ بنُ دينار الأزدي. قال الإمامُ أحمدُ بنُ حنبل: متروكُ الحديث، ترك الناسُ حديثه. وقال الحافظُ ابنُ حجر: متروكٌ ناصبي.
4 - قال – أي الصلت بن دينار - وسمعته على منبر واسط وتلا هذه الآية: " وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي " قال: والله إن كان سليمان لحسوداً.
أورده ابنُ كثيرٍ أيضا، وفي سندهِ من عرفت آنفاً.
قال ابنُ كثيرٍ معلقاً على هذه الآثار: وهذه جراءة عظيمة تفضي به إلى الكفر قبحه الله وأخزاه وأبعده وأقصاه.ا. هـ.
¥