[مقال والرد عليه حول ردة بعض القبائل، وعن خالد بن الوليد]
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[20 - 11 - 06, 06:20 م]ـ
مسلسل خالد بن الوليد ووقفة مع تاريخ صدر الإسلام
د. عبد الرحمن الفريح (*)
ما كاد مسلسل خالد بن الوليد يتجاوز حلقاته الأولى حتى ظهر واضحاً أن أخبار القصاصين وأهل الوضع في عصور مضت ستطغى على ما في كتب الصحاح ومصادر التاريخ الإسلامي من حقائق، وقبل أن أدون هذا الرد بعد متابعتي لمعظم حلقات المسلسل بدا لي أن أدعم وقفتي مع التاريخ والمسلسل برأي بعض أهل العلم من ذوي الإحاطة الدينية والتاريخية بأخبار صدر الإسلام، فكان أن توجهت بسؤال لفضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز بن محمد الفريح الأستاذ بالجامعة الإسلامية نصه هو هل ارتد بنو تميم بعد وفاة النبي- صلى الله عليه وسلم-؟ ذلك أن المسلسل قد أبرزهم بصورة مزرية تغاير ما ورد عنهم في الأحاديث النبوية، وما نسب إليهم وسُجّل لهم من رصيد المآثر الحميدة في صدر الإسلام وبعده.
جاءت إفادة الدكتور الفريح إن بني تميم لم يرتدوا فيمن ارتد من القبائل بعد وفاة الرسول- صلى الله عليه وسلم- وإن ما ذُكر عن ردة بني تميم ليس له أساس من الصحة وذلك للأمور التالية:
1 - أن الطبري قال (ذِكْر خبر بني تميم) فلو كانت تميم ارتدت لذكر ذلك وقال ردة بني تميم.
2 - أن كثيراً من بني تميم اشتركوا في الجهاد في عهد أبي بكر وأبو بكر كان يمنع المرتدين من الجهاد حتى ظهرت توبتهم في عهد عمر فعفا عنهم.
3 - ذكر ابن إسحاق ونقله البيهقي أن أول صدقة وردت إلى المدينة بعد وفاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هي صدقة الزَّبرقان بن بدر بن خلف مما يدل على ثباتهم والزبرقان من سادات تميم.
4 - كان قيس بن عاصم وهو من سادات تميم وكبارهم يقاتل المرتدين مع العلاء بن الحضرمي في البحرين ... وقد استخلف خالد بن الوليد على اليمامة سمرة بن عمرو التميمي، فكيف يقال ارتد بنو تميم، وهؤلاء أعلامهم وساداتهم في الجهاد!
5 - إن الذي كثر عليه الكلام في الرَّدة هو مالك بن نويرة وأصح الطرق التي وردت في حقه تشير إلى أنَّ الصديق وداه أي دفع ديته مما يدل على أنه لم يرتد قال خليفة حدثنا علي بن محمد ابن أبي ذئب عن الزهري .. إلى قوله فكتب أبو بكر إلى خالد فقدم عليه ... فقال أبو بكر هل يزيد خالد على أن يكون تأوَّل فأخطأ وردّ أبو بكر خالداً وودى مالكاً، فهذا النص يفيد أن الصديق دفع ديته ولو كان غير مسلم لما فعل ذلك. قال الإمام ابن عبد البر: (فقتل خالد مالكاً يظن أنه ارتد حين وجهه لقتال أهل الرِّدة واختلف فيه هل قتله مسلماً أو مرتداً وأراه والله أعلم قتله خطأ).
6 - إن تميماً لو ارتدت لحصل قتال بينها وبين المسلمين كما حصل مع (أسد وغطفان وبكر وسليم وحنيفة) وتميم من أكبر القبائل وأشدها فلا يعقل أن ينصرف عنها خالد أو العلاء بن الحضرمي وهي مرتدة! كما لا يعقل أن يقال إن تميماً ارتدت وساداتها وأعلامها في الجهاد، أمّا ما يقال عن مالك بن نويرة فقد بينّاه وخالد- رضي الله عنه- اجتهد وهو مأجور على اجتهاده والزمن كان زمن فتنة.
هذا ما أفاد به فضيلة الشيخ عبد العزيز والناظر في أمر الردّة يلحظ أن بواكيرها قد ظهرت في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- وأنه قبيل وفاته -عليه الصلاة والسلام- بعث رجلاً إلى الزبرقان وقيس بن عاصم يستنهضهما على قتال مسيلمة وطليحة كما في أخبار السيرة (1) وكان الزبرقان معدوداً في وفد أشراف تميم إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- مع القعقاع والأقرع وقيس بن عاصم وغيرهم، وينظر هذا عند البخاري وفي أخبار السيرة وكتب التاريخ والأدب (2).
دوَّن أصحاب السيرة والصحاح كالبخاري وأهل الأثر أخبار الوفد وهي من أشهر أخبار الوفود وذكروا أن النبي عليه الصلاة والسلام بعث القعقاع عيناً له في حنين ليأتيه بالخبر، وأنه أعطى الأقرع الذي كان الرسول- صلى الله عليه وسلم- يتألفه لشرفه وسؤدده مائة من الإبل وبعد وفاته- عليه الصلاة والسلام- ثبت هذان العلمان من أعلام العرب على الإسلام وسخرا من أهل الردّة، كما كانت نبوأة مسيلمة في اليمامة محل سخرية شيخ من أشياخ نجد هو الأحنف بن قيس التميمي فاتح المشرق الإسلامي.
¥